اتجهت إحدى شركات الألبان، إلى رفع أسعار منتجاتها منذ أيام بنسب مختلفة تصل إلى نحو 20%، من أصل أسعار جرى تحريكها منذ شهور مرة ومرات، حتى تصل حسب بعض التقديرات نسبة الزيادة التى طرأت على منتجات الشركة بنحو 65% خلال عام 2023، وتداولت مواقع الكترونية اخبارية أن هذه الشركة حققت أرباحا تقل قليلا عن المليار خلال العام الحالى. ويتوقع أن تحذو بقية الشركات المماثلة حذو هذه الشركة، إن لم يكن اليوم فغدا. أعود إلى مطلع شهر يوليو الماضى الذى زادت فيه أسعار الألبان، ومنتجاتها بنسب وصلت إلى 30%، حيث صدر تصريح عن السيد عادل غباشى، رئيس شعبة الألبان فى الغرفة التجارية بالإسكندرية أن زيادة أسعار الألبان تعود إلى أن كمية اللبن خلال أشهر الصيف قليلة جدا، حسب ما نشره موقع القاهرة 24 (السبت 8 يوليو الماضى)، وإذا كان هذا تفسير أحد المختصين فى هذا المجال، فإن زيادة أسعار الألبان فى شهور الشتاء تصبح غير مبررة نظرا لأن انتاج الألبان أفضل مقارنة بشهور الصيف العجاف. بل على العكس، يفترض أنه طالما أن السلعة لها مواسم تتأثر بها سلبا، ومواسم أخرى تنتعش فيها، فإن الأسعار ترتفع فى الصيف، وتنخفض فى الشتاء. وهو بالطبع أمر لا يحدث. فالسلع التى ترتفع أسعارها تظل على ارتفاعها، بل تتمدد لأعلى بمرور الوقت. وحتى لا تخوننا الذاكرة، فإن المقارنة فى الأسعار لا تكون بين شهور السنة فقط، بل ينبغى أن تكون بين عام وآخر، أو بين عام حالى وعامين أو ثلاثة سابقين حتى نرى معدلات التضخم كيف تمددت، وازدادت، ولم تنخفض. فالشركة التى تقول إنها رفعت أسعار الالبان 10% أو 20% عن أسعارها السائدة قبل رفع السعر، عليها أن تشير إلى كم ارتفاع حدث فى الأسعار خلال عام أو عامين، حتى نتبين مقدار الارتفاعات المتوالية فى الأسعار. والأهم من ذلك، أن ارتفاع السعر يستوجب التوضيح، فلا نعرف الأسباب التى أدت إلى ارتفاع الأسعار، ووصلت إلى هذا الحد، فالشركة أو الشركات التى تصدمنا كل يوم ببيان أسعار جديد لا توضح أسباب ارتفاع الأسعار، ولماذا الآن؟ وليس أمس أو غدا؟
أوضاع الأسواق فى المحروسة شديدة الاضطراب. أسمع من تجار جملة، أثق فى مصداقيتهم، أن هناك شركات ترفع الأسعار كل بضعة أيام، لدرجة أنه لم تعد لديهم القدرة ــ كما كانت من قبل ــ على تذكر أسعار السلع دون العودة إلى القوائم المكتوبة. نفس الأمر ينطبق على أسواق الخضراوات والفاكهة واللحوم، وكل المنتجات الأخرى، فإذا كان الناس يشكون، والحكومة انتفضت، حين بلغ كيلو البصل خمسة وعشرين جنيها، فإنه وصل أمس فى الأسواق إلى خمسة وثلاثين جنيها؟
وإذا كانت السلع المستوردة تزيد أسعارها حسب تقلبات سعر صرف الدولار، فإن هناك سلعا يفترض أن الخامات التى تستخدم فيها محلية، ولا يدخل فى انتاجها خامات مستوردة، ورغم ذلك ترتفع فى هوجة الأسعار. والملفت أن هناك أحيانا أخبارا تنشر على وسائل الإعلام عن انخفاضات فى الاسعار لا تجد مردودا لها فى السوق. وحسب مهندس صديقى، طالع يوما أن أسعار الحديد انخفضت، فذهب يشترى من أحد التجار، فوجد الأسعار كما هى على ارتفاعها، وعندما قال له إن الأخبار المنشورة تشير إلى انخفاض الأسعار، فابتسم وقال له اذهب اشترِ بأسعار مخفضة من هناك.
أظن أن الناس من حقها أن تعرف لماذا ترتفع الأسعار، وتتلقى اجابات واضحة تحترم عقولها. وإذا كان المجتمع يمر بتحديات عديدة، فأين المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال الذين ترفع شركاتهم الأسعار دون هوادة؟