حكمة الهنود.. التعليم استثمار بشري - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكمة الهنود.. التعليم استثمار بشري

نشر فى : الثلاثاء 6 يونيو 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 6 يونيو 2023 - 8:05 م

نشرت صحيفة الجارديان فى عددها الأسبوعى تحقيقًا حول سعى الأسر الهندية إلى إرسال أبنائها للدراسة فى بريطانيا. وقد خرج من الهند العام الماضى نحو 770 ألف طالب للجامعات حول العالم، ذهب منهم نحو 145 ألفا إلى بريطانيا. وعادة يختار الطلاب الهنود بين الولايات المتحدة وبريطانيا لاعتبارات تتصل بالإلمام باللغة الإنجليزية التى تعد لغة أساسية بالنسبة لهم، لكنهم يفضلون الأخيرة للقرب الجغرافى وقلة التكاليف. وبخلاف الطلاب الذين يحصلون على منح دراسية، تميل الأسر الهندية إلى الاستثمار فى أبنائها من خلال إيجاد فرص تعليم لهم فى الجامعات الإنجليزية. بعض هذه الأسر تبيع ممتلكاتها، وأخرى تحصل على قروض لهذا الغرض، وهى على يقين أن أبناءها حين يكملون تعليمهم فى الجامعات هناك سوف يحصلون على فرص عمل أفضل، وربما تتاح لهم الإقامة فى بريطانيا نفسها. وتُعد المملكة المتحدة بالنسبة للهند ذا أهمية، حيث تجمعها بها رابطة الكومنولث، فهى دولة الاستعمار القديمة، التى ظلت هناك عقودا طويلة، ويعود وجود الهنود فى بريطانيا إلى خمسينيات القرن العشرين، أى أن هناك جيلين نشأ فى بريطانيا، وتعلما فى مؤسساتها التعليمية بوصفهم بريطانيين. وأتذكر أننى التقيت بباحثة، هى ذاتها من أصول هندية، كانت تدرس الماجستير فى إحدى الجامعات الإنجليزية تُعد أطروحتها حول مفهوم «البريطانى»، الذى نتيجة الهجرات المتعاقبة من دول المستعمرات الإنجليزية السابقة، صار مختلفا فلم يعد الأبيض الأنجلو ساسكسون، بل صار هناك بريطانيون ذوى بشرة سمراء، وملامح آسيوية، وأخرى أفريقية، مما يعنى أن اقتران المفهوم بالأصل الأنجلو ساكسون لم يعد قائما فى دراسات الآن تبحث فى المواطنة، وإدارة التنوع، ويكفى أن ريشى سوناك رئيس وزراء بريطانيا الآن من أصول آسيوية.
تؤمن الأسر الهندية أن التعليم استثمار، أموال تنفقها على أبنائها، تعود حتمًا فى صورة وظائف جيدة يحصلون عليها، وترقى أفضل على السلم الاجتماعى، وفرص حياة جيدة قد لا تتوافر لهم إذا ظلوا فى المؤسسات التعليمية المحلية. وفى سبيل ذلك يدفعون لوكلاء محليين مقابلا ماليًّا كبيرًا حتى يساعدون أبناءهم على إيجاد أماكن فى الجامعات الإنجليزية. والفرص صارت متاحة أمامها نتيجة الاتفاقات الأكاديمية بين الحكومتين الإنجليزية والهندية، وهناك خطة لزيادة عدد الطلاب الأجانب فى الجامعات البريطانية لنحو 600 ألف طالب بحلول عام 2030، مع توفير فرص إقامة دراسية أفضل.
ورغم ذلك يمثل عدد الطلاب الهنود الذين يسافرون للدراسة فى الخارج نسبة ضئيلة من عدد السكان الذى يبلغ الآن 1.4 مليار نسمة، متقدمة فى ذلك على الصين. ولكن الحكمة فى النظر إلى التعليم بوصفه استثمارًا، تحرص الأسر الهندية عليه، وترى أنه يسهم فى تكوين أبنائهم، وإيجاد فرص أفضل لهم فى الحياة. أظن أن تطوير الحياة فى مصر ترتبط ارتباطا وثيقا بإرسال المزيد من الطلاب المصريين، خاصة الموهوبين بصرف النظر عن مستواهم الاقتصادى، للدراسة فى الخارج سواء بجهود حكومية أو بدعم من المؤسسات الخاصة، مع إيجاد فرص عمل أفضل لهم عند عودتهم من الخارج، بحيث لا يعودون إلى بيئة عمل طاردة لهم، تحبطهم، وتجعلهم يلتمسون كل فرص للسفر إلى الخارج.
معادلة صعبة، لكنها مهمة طالما أردنا التطوير إلى الأفضل.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات