مائدة مستديرة عقدت أمس الأول بدعوة من مؤسسة مصر الخير ضمت أكاديميين وخبراء وممارسين فى مجال العمل الأهلى، وجاء عنوانها «دور المنظمات الأهلية فى دعم التطوع الأخضر»، تأكيدًا على أهمية التطوع فى مجال البيئة. مبادرة مهمة تخاطب فى الأساس شريحة الشباب، وترتقى فى أهميتها إلى مستوى الأمن القومى حسب توصيف بعض المشاركين.
أحد ما تمخضت عنه المائدة الحوارية هو الحاجة إلى وجود مؤشر وطنى للتطوع يعكس الثقافة والأحوال المصرية، خلافا للمؤشر الدولى الذى قد يكون نابعا من ثقافة ومجتمع مختلف، وكان صاحب الدعوة إلى ذلك الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.
التطوع قضية مهمة، لأنه يتصل بالعمل العام، وخدمة المجتمع، وتهذيب الأخلاق تجاه الشعور باحتياجات الآخرين.
شهدت المائدة الحوارية مداخلات كثيرة، أبرز ما يمكن استخلاصه منها، أن التطوع يحتاج إلى مؤسسات ترعاه مثل الجمعيات الأهلية، كما يتطلب إدارة متخصصة داخل كل مؤسسة تقوم على رعاية المتطوعين، وإكسابهم مهارات وخبرات تجعلهم مقبلين على التطوع. فلا ينبغى أن نفكر فيما ستحصل عليه المؤسسة من نشاط المتطوع، بل أيضا ما سوف يفيد المتطوع فى تكوينه الفكرى والمهارى، ولعل ذلك هو ما يدفع الشباب إلى طلب التدريب فى المنظمات والمشروعات الخاصة أملا فى الحصول على خبرات وتدريب، دون الإقبال على التطوع فى العمل الأهلى رغم أن المتطوع لا يحصل على عائد مادى فى الحالتين.
فى الدول المتقدمة، نجد التطوع يشمل كل فئات العمر، رأيته فى معرض ريمينى بإيطاليا، وذكر أحد المتحدثين، وهو الباحث السورى المرموق، د. غيث البحر، أن المسنين فى اليابان يقومون بتوصيل الأطفال الصغار للمدارس، ولكن حتى نجد شخصا متقدما فى السن يقبل على التطوع ينبغى أن تكون البداية من مرحلة الصغر، أى المدرسة، حيث يتعلم الطفل مبادى التربية المدنية، ومن بينها المشاركة والتطوع، والتى تظل تلازمه طوال حياته. وهو ما يدفعنا للسؤال: لماذا لا يكون التطوع جزءا من برامج التعليم فى المراحل العمرية المختلفة، أسوة بدول أخرى تجعل من تطوع الطالب أو الطالبة لمدة معينة شرطا لإتمام مرحلة الثانوى على سبيل المثال. وفى مجال التطوع الأخضر، قد يكون من الملائم فى ظل الحديث المتلاحق حول التغيرات المناخية، والحفاظ على البيئة فى ظل مفاهيم التنمية المستدامة، أن نعزز التعاون بين المدارس والمجتمع المدنى العامل فى هذا المجال، ونزيل العوائق الإدارية أو البيروقراطية التى تحول دون ذلك.
التطوع مدخل مهم لإدماج الشباب فى شئون المجتمع، وكما يحتاج إلى إقناع الشاب بجدوى ذلك، يتطلب أيضا اقتناعًا وتفهما من جانب الأسر المصرية، حتى لا ترى فى تطوع أبنائها مضيعة للوقت، كما ينبغى أن يمتد التنسيق ليشمل مختلف الجهات والمؤسسات الفاعلة فى مجال التطوع مثل وزارتى الشباب والتضامن، وغيرهما، وذلك تنسيقا للجهود، وإيجاد مؤسسية مهمة ذات قواعد محل اتفاق فى مجال تنظيم التطوع.
جلسة حوارية مهمة، تمخضت عن أفكار ونقاشات معمقة، وخطط لشراكات مؤسسية فى المستقبل، وكان الفضل فى تنظيمها داخل مؤسسة مصر الخير الدكتور، محمد الرفاعى، الرئيس التنفيذى للمؤسسة، والدكتور محمد ممدوح رئيس قطاع تطوير الجمعيات الأهلية بالمؤسسة، والفريق الفنى المعاون له، والذى يثبت كل يوم أن المجتمع المدنى يحوى خبرات مؤسسية ومهنية مهمة، لها قدرة على المبادرة والتشبيك وإدارة الحوار البناء.