سلة الغلال الفارغة - ماجدة خضر - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 2:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلة الغلال الفارغة

نشر فى : السبت 7 مايو 2011 - 8:39 ص | آخر تحديث : السبت 7 مايو 2011 - 8:39 ص

 مصر لم تكن بلدا زراعيا ولن تكون» عبارة صادمة قالها الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية السابق، وذلك خلال محفل علمى عقد يوم الأربعاء الماضى بمعهد التخطيط القومى كان الظهور الأول للوزير وسط مجموعة من الخبراء الاقتصاديين منذ إقالة حكومة شفيق، وربما يكون عثمان الوزير الوحيد فى الحكومة السابقة الذى فعلها بعد ان اختفى الجميع من الحياة العامة خوفا من أن يتذكرهم جهاز الكسب غير المشروع او تحقيقات النيابة الإدارية.

العبارة قالها الوزير ببساطة مصادرا حتى على المستقبل جازما بأن مصر لن تكون بلدا زراعيا بعد أن تجاهل أنها كانت يوما ما سلة لإطعام شعوب منطقة البحر المتوسط وهو ما جعلها على مدى تاريخها هدفا للغزو الخارجى وقبل أن تتحول على يد نظام فاسد وتابع إلى بلد مستورد لغذائه وأكبر مستورد للقمح فى العالم ورابع مستورد للذرة، بل وأصبحت مصر على يد النظام السابق تستورد 80 % من الفول، الطبق الرئيسى على موائد المصريين، ولهذا فقد البلد أمنه الغذائى وعرف أزمات الخبز وشهد تشييع شهداء طوابير العيش وصار فى زمن يوسف والى يزرع الكنتالوب والفراولة ليستورد بثمنهما القمح وهى نظرية اقتصادية أثبتت فشلها.

المسئول السابق عن التنمية الاقتصادية والذى حمل حقيبة التخطيط المفترض أن تكون الزراعة واحدة من ركائز هذه التنمية فاته ادراك أن الوضع الزراعى الحالى فى مصر لم يكن قدرا مسطرا على جبينها ولكنه كان جريمة ارتكبت بفعل فاعل على مدى سنوات جرفت فيها الأرض وأنهكتها المبيدات المحظورة وتقلصت مساحة أراضيها بعد أن شيد على تربتها التى تغنى الشعراء بخصوبتها منتجعات وفيللات وفنادق سياحية وفى أحيان أخرى بنى عليها مصانع تفرز سموما وأمراضا.

لم يذكر الوزير أن السياسة الاقتصادية التى اتبعت منذ السبعينيات حولت مصر من بلد منتج إلى مستهلك وكانت هذه السياسة تتعمد تجاهل الزراعة بخفض الاستثمارات الموجهة لها وباغتيال المحاصيل الاستراتيجية واحدا تلو الآخر بدأت باستيراد القطن بدلا من زراعته ثم القمح ثم تناقص المساحات المزروعة بالأرز وهو ما دفع الفلاح لهجر مهنته أول مهنة فى التاريخ هربا من قهر الحكومة وتخليها عنه بعد أن بخست حقه فى الحصول على عائد مرض لزراعته ولخوفه من أن تسجنه قروض وفوائد بنك التنمية الزراعى فى الوقت الذى يرى فيه عشرات الأيدى تتسابق لمساندة ودعم المصدرين والصناع، وكأن التنمية يجب أن تقتصر على السياحة ونمو العقارات وتجارة الخدمات تطبيقا لأجندة العولمة المفروضة على دول العالم الثالث.

للأسف السياسة الزراعية للحكومات السابقة نجحت فى تغيير معالم خريطة مصر الزراعية وحولت سلتها التى كانت مليئة بجميع أنواع المزروعات الاستراتيجية إلى سلة فارغة تنتظر المعونات وتستورد 15 مليون طن من المنتجات الزراعية كل عام.

لذلك على حكومة الثورة أن يكون شاغلها كيف يمكن لمصر استعادة مكانتها الزراعية وهى التى وصفت فى الأدبيات الرومانية بسلة غلال العالم.

ماجدة خضر  كاتبة صحفية
التعليقات