رؤية الآخر كإنسان - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رؤية الآخر كإنسان

نشر فى : الجمعة 7 يوليه 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 7 يوليه 2017 - 9:35 م
نشرت صحيفة البيان الإماراتية مقالا للكاتب «صبحى غندور» ذكر فيه أنه لا يمكن فهم الإنسان (الفرد أو الجماعة) بمعزل عن زمانه ومكانه. فالحياة هى دائما تفاعل لحظة زمنية مع موقع مكانى وظروف محيطة تؤثر سلبا أو إيجابا على من هم ــ وما هو موجود ــ فى هذه اللحظة وهذا المكان.
وما قد يراه فرد أو جماعة فى لحظةٍ ما بالأمر السلبى قد يراه آخرون إيجابيا. والحال نفسه ينطبق على الاختلاف فى المكان. حتى بعض القيم والمفاهيم الإنسانية فهى رهينة الزمان والمكان. فما هو الآن من المحرمات، كان من فترة زمنية أخرى من المباحات. والعكس صحيح. كذلك بالنسبة للمسائل العلمية التى تتغير نتائج بعضها تبعا لتغير الزمن.
كذلك يشير الكاتب إلى أنه غالبا ما يقع الناس فى أحد محظورين: تسفيه الإنسان الآخر والتعامل معه بأقل من قيمته كإنسان، فيتم استعباده أو استغلاله أو التحكم بمصادر رزقه، أو إهانة كرامته، لمجرد التواجد فى موقع آخر أقل قدرة أو أكثر حاجة فى لحظة معينة أو ظروف محيطة بمكان محدد. أما المحظور الآخر، فهو حينما ينظر الإنسان إلى بعض الناس وكأنهم أكثر من إنسان آخر، كأن يقدسوا هذا الإنسان أو يرفعوا من شأنه ومن قيمته إلى ما يفوق بشريته، مهما كان عليه من صفاتٍ كريمة أو طبيعة خاصة.
فى الحالتين: التسفيه أو التقديس للإنسان الآخر، هناك ظلمٌ يحدث، فإما هو ظلم الإنسان للآخر من خلال تحقيره، أو هو ظلمٌ للنفس من خلال تقديس من هو بشرٌ مثلنا، مهما علا شأنه أو عظم دوره الفكرى أو العملى فى هذه الحياة. لذلك جاءت الرسالات السماوية واضحة فى دعوتها للناس بعبادة إلهٍ واحدٍ هو خالق كل شىء، وبالتأكيد على إنسانية الإنسان مهما ارتفع أو تدنى فى حدود القيمة الإنسانية.
لكن أين هى تلك المفاهيم فى واقع وسيرة الناس، أفرادا كانوا أم جماعاتٍ وشعوبا؟ صحيح أن الرسالات السماوية وضعت الكثير من ضوابط السلوك الإنسانى تجاه الآخر والطبيعة عموما، لكن البشر الذين أكرمهم الله بمشيئة الاختيار بين الخير والشر، بين الصالح والطالح، لا يحسنون دوما الاختيار، فتتغلب لديهم الغرائز على القيم، والمصالح على المبادئ، والأطماع على الأخلاق. فتكون النظرة إلى «الأنا» قائمة على مدى استغلال «الآخر» وتسخيره، وليس على المشترك معه من مفاهيم وقيم إنسانية.
فكم من حروبٍ وصراعاتٍ دموية حصلت وتحصل لمجرد وجود الإنسان «الآخر» فى موقع طائفى أو مذهبى أو عرقى أو مناطقى مختلف، دون حتى أى معرفة مباشرة بهذا الإنسان «الآخر»!! وكم يخطئ أيضا من يرفض وجود «الآخر» فى العائلة الواحدة فيريد من أولاده أو أفراد عائلته أن يكون كلٌ منهم نسخة طبق الأصل عن «أناه» فى الفكر والسلوك والمهنة أحيانا!!
فنفى وجود «الآخر» ونكران حقوقه هى مشكلة من لا يرى فى الوجود إلا نفسه، ومن لا يرى فى الآخر إنسانا له حق التكريم الذى منحه إياه الخالق تعالى ولا يمكن أن تنزعه عنه إرادة أيٍ من البشر.
ربما لا نجد إنسانا على هذه الأرض إلا وشعر فى يومٍ ما أنه تعرض لما يمكن وصفه بـ«الطعن من الخلف»، وهو التعبير المجازى لحدوث أمر سيئ من شخصٍ لم يكن متوقعا منه فعل هذا الأمر. وقد يكون ذلك «الطعن» قد حدث عبر كلام أو أفعال لكن النتيجة واحدة، وهى الشعور بالاستياء وخيبة الأمل من أشخاص لم تكن هناك أى مشكلة معهم. ثم تكون الصدمة أكبر حينما يحدث هذا «الطعن» من أشخاص جرت مساعدتهم فى حياتهم العملية أو الشخصية، فإذ بهم ينقلبون على من فعَل الخير معهم ويسيئون إليه. 
مع ذلك يختتم الكاتب بقول الراهبة الأم تريزا التى قضت حياتها فى خدمة المساكين والمحتاجين، وفيه دعوة للناس باستمرار فعل الخير مهما كانت ردود فعل الآخرين على ذلك. ويرى أن هذه هى الثقافة والمفاهيم التى نحتاج إلى ترسيخها فى عقول ووجدان الجيل العربى الجديد بحيث يكون فعل وقول الخير أمرا مبدئيا لا يخضع إلى مساوماتٍ تجارية أو إلى شروطٍ مسبَقة.

البيان ــ الإمارات

 

التعليقات