يغيّرون العنوان - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:20 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يغيّرون العنوان

نشر فى : الإثنين 7 أغسطس 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أغسطس 2017 - 10:05 م
أوجد العقل اليهودى اختراعا جديدا: كيف يغير عنوان 140 ألف شخص من دون أن يتحرك هؤلاء من منازلهم، أمر سهل، إن وقاحتنا لا تعرف حدودا. لقد فرضنا على الفلسطينيين من سكان القدس أنظمة للدخول إلى إسرائيل، كما لو أنهم اختاروا العيش فيها بإرادتهم الحرة. وفرضنا عليهم الإقامة المشروطة مع سيف العزل، والفقر والطرد. هل لا نستطيع تغيير التعريف؟ سيوجد دائما الباحث والمخطط والقانونى الذى سيبتكر ويصوغ الخدعة الجديدة لإخفاء مجموعة من البشر عن أعيننا وعن مسئوليتنا.
من شبه المؤكد أن الكنيست سيوافق على تغيير «قانون أساس: القدس»، وبهذه الطريقة سيوضع خارج حدود العاصمة حيان فلسطينيان، وسيعلن عنهما كمجلس عربى محلى، هما كفر عقب ومعسكر شعفاط للاجئين. وذلك من دون أن نسأل أحدا من سكان هذين الحيين، اللذين ليس بينهما تواصل جغرافى، وتفصل بينهما حواجز عسكرية، وانتظار طويل، وسياجات من الأسلاك المعدنية، وجدران متعرجة، ومستوطنات ودوريات عدائية للجيش والشرطة. وليس لديهما امتداد داخلى من الأرض يسمح لهما بالنمو والتوسع، لأن معظم الأراضى خصصها المخططون لليهود. ماذا يعنى هذا؟ نقيم مجلسا محليا عربيا جديدا فى دولة يهودية. من السذاجة القول إن الميزانيات التى لم تكن موجودة لهما كأحياء مقدسية ستوجد لهما حاليا كمجلس محلى.
فى إسرائيل كل قرار إدارى يتعلق بالأرض وبالفلسطينيين، يصدر عن نظرة بعيدة المدى وقدرة عالية من التخطيط، وليس فيه أى نوايا جيدة. فيه فقط رغبة فى الأذى، وفى خلق وضع عبثى جديد.
إن التقسيم البرىء ظاهريا [للأراضى الفلسطينية] إلى «أ، ب، ج» رسم حدود الجيوب الجغرافية التى وضعت للفلسطينيين. والسنوات الأربع التى خصصت لإنهاء هذا التقسيم امتدت بما فيه الكفاية، كى يبدو ضم المناطق ج لإسرائيل الخطوة الأكثر عقلانية. هناك شوارع تفصل بين أحياء فلسطينية، وتحاصر منازل فلسطينيين، وقد بنى الجدار بالقرب من الرام ومن شعفاط وترك فقط للمستوطنات مجالا للتوسع. وكل هذا «لاعتبارات مهنية»، بالطبع. إن تحديد نسبة بناء منخفضة فى الأحياء الفلسطينية فى القدس، بعد مصادرة 35% من أراضيهم لصالح اليهود، جرى تبريره فى البداية بحجة أخذ الآخرين فى الحسبان والمحافظة على الطابع القروى للمدينة.
تكمن المهارة الإسرائيلية الكبيرة فى تغليف كل شىء بغلاف «الأمن». وقد استعانوا فى القدس بشعار «المدينة الكاملة»، وهى نكتة رهيبة. جد لى مقدسيا يهوديا واحدا يعنيه ألا تكون كفر عقب وشفعاط داخل حدود المدينة. وإذا كانت بيت حنينا وصور باهر يهمان اليهودى فهذا لأنهما تحتويان على أراضٍ خالية يمكن سرقتها من الفلسطينيين وإقامة معقل يسكنه اليهود ويشكل مفخرة صهيونية. 
إن إحاطة كفر عقب وشفعاط بسور فاصل أوجد جزرا تفتقر إلى الحكم والمسئولية، ومزيدا من التصنيفات البيروقراطية التى بواسطتها نعرف ونصنف ونقسم السكان الفلسطينيين على جانبى الخط الأخضر. وهذه هى الخطوة الأولى قبل رميهم نحو السلطة الفلسطينية.
وهنا يأتى دور المخرج المنطقى: خلافا لبلدية القدس، يسمح للمجلس المحلى الجديد الاستعانة بالسلطة، من أجل جمع النفايات، والمصادقة لاحقا على البناء غير الشرعى الضخم الخطر المشيد هناك. ولا أحد سيعاقب إذا جرى استدعاء الشرطة الفلسطينية من الشارع المقابل لمعالجة مشكلات المخدرات. 
فى البداية يأتى الأمر الواقع، وحتى إذا تأخر الأمر قانونيا ــ فالنتيجة ستكون هى هى، كما نصت صفقة أوسلو: تتحمل السلطة الفلسطينية مسئولية مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والإنسانية التى أوجدتها إسرائيل، لكن من دون حرية الاختيار، ومن دون موارد ومن دون صلاحيات سيادية. 

عميرة هاس
مراسلة المناطق الفلسطينية المحتلة
هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

 

التعليقات