الخبز السياحى - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:10 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخبز السياحى

نشر فى : الثلاثاء 8 مارس 2022 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 8 مارس 2022 - 9:45 م

يُطلق على الخبز أو رغيف العيش غير المدعم «الخبز السياحى»، وهو رغيف العيش الذى يتناوله المواطن الذى لا يحصل على الدعم، وهم أغلبية الناس، وهؤلاء ليسوا بالضرورة من الطبقات المترفة أو الأغنياء، ولكنهم شرائح اجتماعية متنوعة، أغلبهم من الطبقة الوسطى، والدليل على ذلك أن فى الأحياء التى يسكنها متوسطو الحال تنتشر المخابز التى تبيع الخبز السياحى. ويشير مسمى «السياحى» إلى اعتقاد ــ مستبطن ــ أنه من السلع التى يطلبها السياح، وهى فى كل الدنيا تتسم بأسعار مرتفعة، باعتبار أن السائح الذى يزور البلد، بحثا عن الراحة والمتعة، لديه إمكانات مادية ينفق بها على السلع السياحية.

ارتفعت أسعار الخبز السياحى خلال الأيام الماضية، وعلل البعض ذلك بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتى أدت إلى ارتفاع أسعار الدقيق، وبالتالى ارتفعت التكلفة، وأصبح من الضرورى أن يتحمل المواطن هذه التكلفة. وقد رفعت المخابز أسعار الخبز بشكل عشوائى، يختلف من منطقة لأخرى، وقرأت تصريحا لأحد المسئولين فى شعبة المخابز أن تحديد السعر رهن بالعرض والطلب، ويختلف من منطقة لأخرى حسب مستواها الاقتصادى. وبالتالى قد تجد رغيف عيش فى منطقة بسعر، وفى منطقة أخرى بسعر آخر، وهو ما يحدث بالفعل. أصحاب المخابز يقولون أسعار مستلزمات الإنتاج زادت، وفى مقدمتها الدقيق، ويلقون باللائمة على الموردين والمستوردين الذين يرفعون أسعار الدقيق، وصرح البعض بأن فى الأمر ما يشبه الاستغلال أو الجشع.

ونظرا لأن رغيف العيش ليس سلعة سياحية، بل هى أساسية، من صميم الحياة، فإن الأمر يحتاج إلى تنظيم حتى لو سلمنا أن المسألة برمتها تخضع لآليات السوق التى تتمثل فى العرض والطلب. ليس فقط رغيف العيش، ولكن تحديد أسعار سلع وخدمات عديدة ترتفع بصورة غير مفهومة، ولا يوجد ما يبررها، لا أحد يُطالب بأن يخسر مقدم السلعة، لأن هذا ليس كلاما اقتصاديا، ولكن لابد من وجود آلية تضمن أن تكون الزيادة فى الأسعار تتناسب مع الزيادة التى تطرأ على مستلزمات الإنتاج، أيا كانت، وتضمن بأن يكون هناك توازن بين البائع والمستهلك، بحيث لا يكون هناك استغلال أو انتهازية أو ركوب موجة الأحداث العالمية.

لا يجب أن تكون الأجهزة الحكومية بعيدة عن ذلك، بل يتعين تشديد الرقابة على المتعهدين والتجار حتى لا يقوموا بتخزين الدقيق بهدف رفع سعره من ناحية، واستحداث آليات تضمن التسعير العادل لرغيف العيش من ناحية أخرى. تجربة التسعير التلقائى التى تتبع فى حالة الوقود ينبغى أن نستحدثها فى مجالات عديدة، بحيث تتشكل لجان أو هيئات تمثل كل الأطراف، فى ظل متابعة حكومية، تضمن أن يكون السعر عادلا للمنتج والمستهلك معا. واذا كان ارتفاع الاسعار نتيجة احداث استثنائية، فمن الوارد، ولو نظريا، ان تنخفض مما يستتبع إعادة التسعير.

وفى تقديرى اذا واصل الرغيف السياحى ارتفاعه، وظل الرغيف المدعم على وضعه الحالى، أو ارتفع سعره قليلا، فإننا قد نشهد ظاهرة «السوق السوداء» فى مجال الخبز، بحيث يبيع من يحصل على الدعم ــ إذا لم يكن بحاجة إلى كل حصته ــ رغيف العيش لآخرين بأسعار أقل من السوق، لكنها تمثل ربحا له. هذا الأمر شاهدناه فى حالات سابقة، ولم ينته إلا بإصلاح منظومة الدعم، بحيث بات سعر السلعة موحدا عند تاجر التموين والسوبر ماركت على السواء.
لا نريد أن ندفع ثمنا ثقيلا لتشوهات السوق، التى تزيد من الشعور الضاغط على المواطن، وترفع من مستوى التحايل فى المجتمع.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات