خرج احتجاج المواطنين من أصول إثيوبية على معاملة الشرطة لهم عن السيطرة. وتحولت المواجهات بين المتظاهرين والشرطة إلى العنف، فأوقعت جرحى وشملت استخدام الغاز المسيل للدموع. إن أى استخدام للعنف يستوجب الإدانة والاستنكار. لكن أساس الاحتجاج له ما يبرره، إذ ليس على أى فئة اجتماعية أن تتحمل موقفا تمييزيا حيالها من جانب سلطات الدولة.
إن سبب تظاهرات الأيام الأخيرة هو بالتأكيد عنف الشرطة، لكن الاحتجاج أوسع من ذلك ويكشف فقدان الأمل بالتغيير، بصورة أساسية لدى الشباب الذين ولدوا فى إسرائيل وتعلموا فيها ويشعرون بمدى عدم استعداد المجتمع لتقبّلهم هنا.
فى الماضى رفضت الشرطة الادعاءات بأنها تتصرف بطريقة مختلفة مع الذين هم من أصول إثيوبية. وساهم غياب معطيات [عن الوضع]، باستثناء تقديرات بأن الثلث من مجموع 200 فتى معتقلين فى سجن «أوفيك» إثيوبيون، فى الغموض الرسمى. لكن مسؤولين كبارا فى وزارة الأمن الداخلى اعترفوا بوجود «نظرة إلى الشرطة بوصفها عدوا»، و«شعور باستخدام مفرط للقوة» إزاء الإثيوبيين. ومن المقلق أن هذا الاعتراف لم ينتقل إلى المراتب المختلفة فى الشرطة.
قبل نحو نصف سنة نشرت الحكومة مبادئ سياسة جديدة شارك فى وضعها ممثلون عن 12 وزارة فى الحكومة، وناشطون إثيوبيون وشخصيات أكاديمية ورؤساء منظمات وجمعيات. وقد تطرقت التوصيات إلى وزارة التعليم والصحة والإسكان، وإلى التغييرات المطلوبة فى الجيش والشرطة، وعمليات الانتقاء والتنسيق العسكرى، وضرورة تحديد الإجراءات حيال اعتقال صغار السن.
وحظى الجزء المتعلق بالتعليم باهتمام خاص. فقد أوصى موظفو وزارة التعليم بألا تكون شعبة الاستيعاب فى الوزارة هى المسؤولة عن جميع التلامذة الإثيوبيين بمن فيهم مواليد إسرائيل، وأن تنتقل معالجة أولاد الطائفة إلى الدوائر العادية. كما أوصت اللجنة بزيادة عدد الأساتذة من أصل إثيوبى وإعادة درس خطط المساعدة المختلفة ومدى فائدتها. ومن المؤسف أنه فى هذه المناسبة لم يجر التشديد على إعطاء الحرية الحقيقية للأهل للاختيار ما بين مدارس دينية وعلمانية، فاضطر هؤلاء إلى إرسال أولادهم إلى المدارس الدينية خوفا من تعريض يهوديتهم للخطر.
إن التوصيات السياسية الجديدة خطوة فى الاتجاه الصحيح. لكن الطريق إلى تحقيقها لايزال طويلا. التظاهرات الأخيرة طرحت على جدول الأعمال مسألة التمييز حيال الإثيوبيين فى مجالات عديدة، وحددت المهمة الأولى المطروحة على الحكومة الجديدة والتى يجب أن تكون معالجة هذا التمييز.
افتتاحية هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية