الدفاع عن الدولة المدنية - أولوية الانتخابات البرلمانية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 8:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدفاع عن الدولة المدنية - أولوية الانتخابات البرلمانية

نشر فى : الإثنين 8 أغسطس 2011 - 8:29 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 أغسطس 2011 - 8:29 ص

 لا يحتاج دعاة الدولة المدنية والديمقراطية والتسامح والتعددية إلى مقارعة حشد التيارات الإسلامية الجمعة قبل الماضية بحشد مماثل فى ميدان التحرير. أكتب هذا بعد أن أعلنت بعض الطرق الصوفية عن عزمها تنظيم مليونية الجمعة القادمة وتضامنت معها بعض الائتلافات والتيارات السياسية.

فمن الخطأ أن نوظف الشارع كمساحة والحشد الجماهيرى كأداة لمجرد الرد على توظيف أسبق لم يعجبنا. والحال أن مليونية صوفية تأتى عقب مليونية الإسلاميين والسلفيين تقع فى هذا المحظور وتخفق فى الخروج إلى الشارع بإيجابية وبأجندة مطلبية واضحة.

من الخطأ أيضا أن يتوهم دعاة الدولة المدنية أن معركتهم الحقيقية فى الشارع أو أن أداتها الوحيدة هى الحشد الجماهيرى. على العكس من ذلك تماما، يتطلب الانتصار للدولة المدنية وقبل أى شىء آخر التركيز على الانتخابات البرلمانية وتنظيم الصفوف للمنافسة بقوة على مقاعد مجلسى الشعب والشورى. البرلمان القادم هو الأخطر فى تاريخ مصر المعاصر (منذ 1952) والتشريعات والقوانين التى سيقرها ومن قبلها تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ستحدد ملامح دولة ما بعد ثورة 25 يناير 2011 ونظامها السياسى.

من الخطأ أيضا أن يتوهم دعاة الدولة المدنية أن الخروج إلى الشارع بديل عن العمل المنظم على الأرض فى المدن والقرى والنجوع لنشر فكرهم وبرامجهم السياسية واجتذاب قطاعات ناخبة حقيقية للتصويت لمرشحيهم فى الانتخابات البرلمانية. التوظيف الإيجابى (وليس بصيغة رد الفعل) للشارع وللضغط الجماهيرى جيد لتنبيه الرأى العام لقضايا دعاة الدولة المدنية، إلا أن توهم أنه يكفى للفوز فى الانتخابات البرلمانية القادمة سيصل بالتيارات المدنية إلى كارثة محققة.

من الخطأ أيضا أن يتوهم البعض أن خروج مشترك إلى الشارع من قبل الطرق الصوفية والتيارات المدنية ومنظمات واتحادات قبطية غير محفوف بالمخاطر. دون أجندة مشتركة حقيقية ومطالب واضحة يصبح الخروج إلى الشارع عرضة للوقوع فى محظور التفتت وغياب وحدة الخطاب. لا يكفى مجرد شعار الدولة المدنية لصناعة أجندة مشتركة، ولا بد من توافق حقيقى حول مطالب ذات صلة بالانتخابات البرلمانية والدستور ومجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

من الخطأ أخيرا أن يتوهم دعاة الدولة المدنية أن معركتهم تدار بنجاح إن اخترلت إلى مجرد صراع مع التيارات الإسلامية. الدولة ذات الطبيعة المدنية هى دولة مواطنة حقوق متساوية ودولة مساواة أمام القانون ودولة تنظم العلاقة بين الدين والسياسة، وبجانب كل هذا هى دولة تدير شأنها سلطات مدنية منتخبة وتخضع بها الأجهزة العسكرية والأمنية لرقابة هذه السلطات. اختزال كل هذه المضامين إلى صراع بين المدنى فى مواجهة الإسلامى خطير للغاية ولا يعبر عن حقيقة أن الطبيعة المدنية لا تتعارض مع الإسلام ولا مع الدين بصورة عامة. نعم لدينا شكوك حول مدى التزام بعض التيارات الإسلامية بمقتضيات الدولة المدنية والديمقراطية، إلا أن صراعنا ليس مع المكون الإسلامى ولا ينطلق من مقابلة المدنى بالإسلامى.

أدعو إلى صرف النظر عن مليونية الدولة المدنية والخروج من خانة رد الفعل والتركيز على الانتخابات القادمة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات