روى لى أب مشكلة نجله فى الجامعة، وهى ــ على ما يبدو ــ ليست شخصية أو خاصة، بل تمتد لتشمل أقرانه، الذين يعانون مما يعانيه هذا الشاب من ضعف بصرى. قصة الطالب كيرلس ميلاد راغب كما يرويها والده بدأت عندما حصل على مجموع 96.6% فى الثانوية العامة القسم الأدبى عام 2021، وتوجه إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، التى تعثر بها، ثم طلب نقله إلى كلية الآثار بنفس الجامعة، وتم قبول التحويل، وفى أول يوم من الدراسة التقى الطالب بأحد المسئولين فى الكلية الذى قال له نحن لا نقبل دمجا بصرى فى الكلية، مما دفعه إلى تقديم شكوى إلى الجهات المسئولة. وكما فهمت من الحديث أن كلية الآثار تقبل فقط الدمج البصرى إذا جاء إليها الطالب عبر مكتب التنسيق، ولكن عند التحويل إليها من كلية أخرى تحدد قبوله من عدمه.
على إثر ذلك قام والد الطالب بنقله إلى كلية الألسن جامعة عين شمس، والتحق بقسم اللغة الإسبانية، ومضى فى طريقه راضيًا بدراسته، ولم يواجه أى مشكلات أثناء الدراسة، واستطاع أن يحصل على تقديرات مرتفعة فى بعض المواد، وتعثر فى مواد أخرى بسبب عدم وجود مرافق معه، ولم يسعفه الاعتماد على الوسائل المساعدة أثناء تأدية الامتحانات، وشكا من عدم جاهزيتها فى بعض الأحيان، واحتياجه إلى وقت إضافى نظرًا لأن الوقت الزائد الذى خُصص له كان يضيع فى تجهيز الوسائل الفنية المساعدة. هذا ما ذكره والد الطالب، وقد يكون لدى الكلية رأى فى هذا الشأن.
لم أخف ــ فى حديثى مع الرجل ــ استغرابى من التنقلات السريعة للطالب من كلية لأخرى، ومن جامعة القاهرة إلى جامعة عين شمس، ويبدو أن والد الطالب، وقد نلتمس له العذر، كان تحت ضغط مساعدة نجله، وتوفير بيئة دراسية مواتية له، ولاسيما أنه طالب متفوق.
الآن يريد والده أن ينقل الطالب إلى كلية الآداب جامعة القاهرة، التى توفر لطلاب الدمج البصرى مرافقًا، خلاف جامعة عين شمس، ولكن تظل أمنيته أن يلتحق بأقسام اللغات بالكلية، لكنها لا توفر مرافقًا، ويصبح القسم المتاح أمامه هو قسم التاريخ الذى يسمح بوجود مرافق مع ضعاف البصر، وقد يلتحق به من باب الاضطرار رغم أن تطلعاته هى دراسة اللغات. الإشكالية الآن تكمن فى التوزيع الجغرافى، فقد ترك الطالب جامعة القاهرة، وذهب إلى جامعة عين شمس، وهو يسكن فى النطاق الجغرافى لهذه الجامعة، وبالتالى ليس مسموحا له النقل مجددًا إلى جامعة القاهرة.
هذه هى قصة هذا الطالب، كما رواها لى والده، والعهدة على الراوى. وقد تكون لدى الجامعة مبرراتها، وقد توجد هناك اعتبارات لا أعرفها، ولكنى أظن أن علاج هذه المسألة يسير، وهو أن تسمح كلية الألسن بجامعة عين شمس، التى ارتاح إليها الطالب، بوجود مرافق معه أثناء أداء الامتحانات، هو وغيره من الطلاب ضعاف البصر، يختاره الطالب بنفسه أو تختاره الكلية له وفق معايير محددة وواضحة، ولا يضطر إلى الترحال بين الجامعات بحثًا عمن يقدم له يد المساعدة، ويدرس موضوعات لا يرغب فيها، ليس لسبب سوى أنه الباب الوحيد المفتوح أمامه.
واقع الحال لا أعرف لمن أوجه هذا الطلب؟ هل للمجلس الأعلى للجامعات؟ أم للأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، أم للأستاذ الدكتور محمود المتينى رئيس جامعة عين شمس، وكلاهما يهمهما بالتأكيد مستقبل هذا الطالب.