لمجلس الشعب المنتخب دور أساسى فى تحقيق التلازم بين مسار الاحتجاج الشعبى السلمى المطور للحالة الثورية ومسار بناء مؤسسات النظام السياسى الجديد، وكذلك فى تجاوز حالة الانقسام القائمة اليوم فى مصر بين مؤيدى مسار الاحتجاج السلمى والمتبنين لمطالبه وبين حاملى هموم تماسك الدولة المصرية واستقرارها وتحسن أحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية.
المجلس المنتخب يحتاج بجانب شرعيته الديمقراطية المستمدة من صندوق الانتخابات إلى شرعية يكتسبها بترجمة المطالب المشروعة لثورة ٢٥ يناير والأجندة الوطنية التى أنتجتها وطورتها خلال العام الماضى لعمل تشريعى ورقابى. النقل المنظم والسريع للسلطة للمدنيين، حقوق الشهداء والمصابين، تطهير أجهزة الدولة، العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، وغيرها من مطالب الثورة المشروعة لا مناص من تصدرها لأولويات عمل المجلس.
فى نقاش منذ أيام مع الدكتور وحيد عبدالمجيد والدكتور مصطفى النجار توافقنا على أهمية أن يتبنى المجلس فى جلسته الأولى تشكيل لجنة برلمانية للتفاوض مع المجلس العسكرى بشأن نقل السلطة ولجنة ثانية لمتابعة ملف تعويضات الشهداء والمصابين وأن يطالب أيضا بتشكيل هيئة قضائية خاصة تتولى التحقيق فى كل انتهاكات حقوق الإنسان منذ ١١ فبراير ٢٠١١. تلك ثلاثة أمور ضرورية وعاجلة موقعها فى قلب أهداف ومطالب الثورة والفعل السريع لمجلس الشعب بشأنها شديد الأهمية. توافق ثلاثتنا أيضا على ضرورة الانتصار للثورة رمزيا وسياسيا بدعوة الأعضاء المنتخبين للقسم جماعيا على الدفاع عن الثورة والعمل على تحقيق أهدافها وبناء مصر الديمقراطية والعادلة.
المجلس المنتخب يحتاج أيضا للتعامل بمسئولية شديدة مع عموم المواطنين الذين شاركوا فى الانتخابات أو لم يشاركوا ولقطاعات واسعة بينهم مطالب مشروعة تتعلق بالاستقرار والأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. القسم الجماعى المقترح للجلسة الأولى ينبغى أن يضمن التزام المجلس بالدفاع عن تماسك الدولة ومؤسساتها وبالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف أغلبية المواطنين من خلال العمل التشريعى والرقابى. ويمكن للمجلس أن يتبنى بصورة فورية تشكيل لجنة برلمانية تنظر فى قضايا العدالة الاجتماعية المرتبطة بالحد الأدنى والأقصى للأجور والمعاشات وضمانات الإعاشة والرعاية الصحية وحقوق العمال والفلاحين، وتكون مسئوليتها تقديم مقترحات تشريعية للتقدم الفعال على هذه المستويات ومراقبة عمل الأجهزة التنفيذية بشأنها.
لا يملك مجلس الشعب المنتخب رفاهية اختصار جلسته الأولى إلى جلسة إجرائية لانتخاب رئيس وهيئة مكتب وهيئات اللجان البرلمانية. لا يملك المجلس ترف أن تتحول الجلسة الأولى لصراع وتنافس حول المناصب ويتجاهل أعضاؤه الثورة التى مكنت مصر من التغيير وخلصتها من استبداد مبارك وحزبه أو يتغافلوا عن مطالب الناخبات والناخبين الذين جاءوا بهم لمقاعدهم وينتظرون منهم عملا حقيقيا واستجابة جادة. لا يملك المجلس ترف أن يتعامل مع المناصب والمواقع المختلفة بداخله بعقلية استحواذ أو استئثار من جانب من حصد العدد الأكبر من المقاعد، بل لابد من تغليب اعتبارات الكفاءة والتوازن فى الاختيارات لمصلحة الوطن.
هذا مجلس للعمل الجاد وأن لم يعمل سيخسر أعضاءه سريعا شرعية القبول الشعبى بعد صندوق الانتخابات ولن ينجحوا لا فى اكتساب شرعية الثورة والميدان ولا شرعية الإنجاز التى تنتظرها الكتلة الصامتة.