الانتخابات الرئاسية الفرنسية فى ظل الأزمة الأوكرانية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:34 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتخابات الرئاسية الفرنسية فى ظل الأزمة الأوكرانية

نشر فى : السبت 9 أبريل 2022 - 7:00 م | آخر تحديث : السبت 9 أبريل 2022 - 7:00 م

نشرت مؤسسة صندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة مقالا بتاريخ 31 مارس للكاتبين جيسين ويبر وجيمس ساليمبيان، تناولا فيه الحديث عن أهم خمسة مرشحين فى الانتخابات الفرنسية.. نعرض منه ما يلى:

إيمانويل ماكرون (حزب الجمهورية إلى الأمام)
يكافح المرشحون، وعلى رأسهم ماكرون، الذين ركزوا حملاتهم الانتخابية على قضايا داخلية من أجل جذب انتباه الناخبين؛ فرئيس فرنسا القادم سيكون له تأثير حاسم على الاستجابة الفرنسية فى الأزمة الأوكرانية، وبشكل أعم، على الأمن الأوروبى والتعاون عبر الأطلسى.
الغزو الروسى لأوكرانيا غير تماما خطة ماكرون للنصف الأول من عام 2022. كان ينظر إلى رئاسة ماكرون لمجلس الاتحاد الأوروبى فى وقت حملته الانتخابية على أنه التحدى الأكبر بالنسبة له قبل أن تأتى الحرب الأوكرانية، وذلك لأن ماكرون يعد قناة أوروبا الأخيرة للتواصل مع روسيا. ارتفعت شعبية الرئيس أخيرا، ويعتبر هو المرشح الأول. وضع ماكرون أوروبا فى قلب حملته الانتخابية لعام 2017، وكانت فكرة الاستقلال الاستراتيجى الأوروبى، التى أعيدت تسميتها فيما بعد إلى السيادة الأوروبية، هى الخيط الذهبى الذى يربط سياساته معا، وترجم ذلك إلى سياسات تدفع إلى مزيد من الاستثمارات فى قطاعات رئيسية مثل الشرائح الإلكترونية والفضاء. يؤمن ماكرون أن وجود اتحاد أوروبى قوى سيجعل صوت فرنسا مسموعا فى العالم، ويؤمن بأهمية وجود هوية أوروبية مميزة.
قد يبدو من الغريب وصف ماكرون بأنه الأكثر اهتماما بالعلاقات عبر الأطلسى بعدما وصف الناتو فى عام 2018 بأنه «ميت إكلينيكيا». ومع ذلك، أكد ماكرون أن وجود اتحاد أوروبى قوى لا يتعارض مع وجود الناتو، وطوال الأزمة الأوكرانية كان ماكرون يؤكد على أهمية وجود ناتو قوى فى أوروبا، وأن لدى واشنطن حليفا قويا فى باريس إذا رغبت فى جعل أوروبا شريكا مساويا لها فى القوة.

مارين لوبان (حزب الجبهة الوطنية ــ يمين متطرف)
تمثل لوبان، فى حملتها الرئاسية الثالثة وربما الأخيرة، سياسة خارجية فرنسية متشككة فى أوروبا وتتجه نحو تأكيد الهوية الوطنية. تؤمن لوبان بأن فرنسا تتحلل وعليها أن تجد طريق الرجوع لأمجادها السابقة. تؤمن لوبان بأن فرنسا يمكنها لعب دور نشط كدولة عظمى فقط من خلال نهج مستقل فى السياسة الخارجية. وبالتالى، فى سياسة لوبان الخارجية «الأحادية» لها أولوية على التعاون متعدد الأطراف، وتؤيد التعاون بين الدول المستقلة.
رئاسة لوبان ستكون خبرا سيئا لأوروبا. ضغطت لوبان من أجل خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبى «فريكست»، لكن موقفها تغير بعد «البريكست»، وهى تدعو الآن إلى تحول جذرى فى الاتحاد الأوروبى تجاه «أوروبا من الأمم»، ما يعنى ضمنيا نقل قوة الاتحاد فوق الوطنية إلى العواصم الأوروبية؛ فتدعو إلى وضع التشريعات الفرنسية فى مرتبة أعلى من تشريعات الاتحاد، وبالتالى التخلى عن أولوية تطبيق قانون الاتحاد الأوروبى الذى تراه هيكلا فوق وطنى غير شرعى. كما تعارض لوبان سياسة الدفاع الأوروبى، وتريد إعادة فرض ضوابط الحدود الوطنية مع تبسيط عمليات التنقل لمواطنى الاتحاد الأوروبى. من المرجح أن تحد لوبان من التعاون الفرنسى مع ألمانيا بعدما انتقدت الهيمنة الألمانية فى أوروبا لسنوات. على المستوى المؤسسى، من المؤكد أن لوبان ستعطى الأولوية لمصالح فرنسا على حساب أى مبادرة مشتركة.
ستعانى العلاقات عبر الأطلسى خلال رئاسة لوبان، فهى مقتنعة بأن فرنسا هى المسئولة الوحيدة عن الدفاع عن نفسها، وتعهدت بإخراج فرنسا من الناتو، والولايات المتحدة بالنسبة لها حليف وخصم فى الوقت نفسه. لكن الحرب الأوكرانية أجبرتها على التراجع بعدما كانت تضغط لزيادة التعاون مع روسيا، وتحمل حملتها الانتخابية صورا لها وهى تصافح بوتن كمثال على جهودها لبناء علاقات مع «قادة الحركات الوطنية».
يدعم حزبها الحوار مع روسيا بشأن تحديات الحوكمة العالمية والحرب فى أوكرانيا، وتصر لوبان على إعطاء الأولوية للحل الدبلوماسى وتجادل بأن العقوبات ستضر القوة الشرائية فى أوروبا. لا ترى لوبان الولايات المتحدة كشريك طبيعى لفرنسا وتؤكد على ضرورة بناء علاقات معها فى قضايا معينة لا تضر علاقات فرنسا بالدول الأخرى.

جان لوك ميلونشون (حزب فرنسا الأبية ــ يسار متطرف)
تمثل الانتخابات الرئاسية هذا العام المحاولة الثالثة لجون لوك ميلينشون لتولى منصب الرئاسة ويحتل حاليا المرتبة الثالثة وفقا للاستطلاعات. زادت شعبيته خلال الأسابيع الماضية مما عزز آماله فى الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات، على الرغم من أن لوبان على الأرجح ستفعل ذلك.
مقترحات ميلينشون المتعلقة بالسياسة الخارجية، كما الحال مع لوبان وإريك زمور، فقدت مصداقيتها بسبب الغزو الروسى لأوكرانيا. دافع ميلينشون عن بوتين قبل الغزو، قائلا إنه يتفهم حاجة روسيا إلى استعراض عضلاتها من خلال تعزيز تواجدها العسكرى على حدودها مع أوكرانيا متسائلا: «من لا يفعل الشىء نفسه مع دولة مجاورة مرتبطة بقوة أخرى تشكل تهديدا؟» ــ فى إشارة إلى الولايات المتحدة. هو من أشد المؤيدين لعدم الانحياز الفرنسى واستقلال عملياتها، خاصة بعدما تخاذل حلفاء فرنسا عن دعمها فى مالى وهو ما يؤكد وجهة نظره القائلة «لا توجد أوروبا دفاعية»، بالإضافة إلى ذلك، فهو يدعو إلى إنهاء مشاريع التسليح الأوروبية ولا يدعم الفريكست معتقدا أنها ستؤدى إلى فوضى اقتصادية لفرنسا. ومع ذلك فهو يؤيد الانسحاب من الناتو الذى يراه أداة استعمارية تستخدمها الولايات المتحدة لإخضاع حلفائها. كما أنه ذهب أيضا للتشكيك فى التزام فرنسا بالدفاع عن أعضاء الاتحاد الأوروبى، فبالنسبة له لماذا يجب على فرنسا التدخل عسكريا للدفاع عن دول البلطيق فى حالة حدوث غزو روسى؟. دعا ميلينشون إلى «دبلوماسية عدم الانحياز»، ويتعهد بالتخلى عن اصطفاف فرنسا مع الولايات المتحدة، لكنه يرى واشنطن كشريك لا سيما فيما يتعلق بالتحديات المتعددة الأطراف.

فاليرى بيكريس (حزب الجمهوريين ــ يمين وسط).
تصور الكثيرون أن بيكريس أخطر منافسى ماكرون عندما فازت بالانتخابات التمهيدية لحزبها. بدا أنها على استعداد لاستعادة الأصوات الذى خسرها الحزب اليمين الوسطى لصالح ماكرون عام 2017 من خلال مزجها بين القانون والنظام والاقتصاد الليبرالى. ومع ذلك، فقد كافحت لتميز نفسها عن ماكرون، الذى تشبه سياساته الاقتصادية الليبرالية واستراتيجيته الدفاعية وقراره الأخير بالحد من إيصال التأشيرات إلى الجزائر والمغرب وتونس السياسات التى تقترحها. فى الفترة الأخيرة، دفعت الحرب فى أوكرانيا حملتها إلى الهامش بينما عززت مكانة ماكرون.
مقترحات بيكريس فى السياسة الخارجية تشبه أيضا إلى حد كبير مقترحات ماكرون. وقد أعربت عن دعمها لتقوية الاتحاد الأوروبى، ولا سيما فى مجال الدفاع، وتنظر إلى أوروبا على أنها أداة تستطيع فرنسا من خلالها إبراز قوتها، وتريد المزيد من التعاون العسكرى مع الشركاء الأوروبيين. ومع ذلك، على عكس ماكرون الذى يعتمد برنامجه على هوية أوروبية مشتركة، فإن لديها رؤية أكثر واقعية للتكامل تتماشى مع معلمها جاك شيراك؛ ستستخدم الفيتو لمنع تركيا من الانضمام للاتحاد، وتسعى للسيطرة على تدفقات الهجرة من خلال زيادة عدد جنود الوكالة الأوروبية لحرس الحدود الأوروبى بمقدار 10 آلاف جندى، وترى ضرورة إصلاح الاتحاد الأوروبى قبل التفكير فى توسيعه.
استقلال فرنسا على المسرح الدولى له أهمية قصوى بالنسبة لليمين الوسط التقليدى. بالنسبة لبيكريس، يجب أن تكون فرنسا «حليفا للولايات المتحدة، لكنها بالتأكيد ليست دولة تابعة». وترى أن «أوكوس» وصفقة الغواصات الفرنسية الأسترالية الفاشلة هى دليل على أن أولويات الولايات المتحدة تكمن فى المحيط الهادئ، وأنها مستعدة لتنفيذ تحولها الجغرافى الاستراتيجى على حساب حلفائها التاريخيين فى أوروبا. ومع ذلك، فهى مقتنعة بأن الناتو محورى فى عملية الدفاع عن أوروبا، وتريد تعزيز التعاون الأمريكى الفرنسى بما يصب فى الصالح الفرنسى.

إريك زمور (حزب استعادة فرنسا، يمين متطرف)
أدى إعلان الحملة الانتخابية لإريك زمور فى نوفمبر الماضى إلى اضطراب كبير فى التوازن السياسى للانتخابات الرئاسية. توقع معظم المحللين تكرار مواجهة لوبان وماكرون كما حدث فى انتخابات 2017، لكن مفاجأة زمور قسمت اليمين وناخبى لوبان وقللت من درجة اليقين حول وصولها إلى الجولة الثانية. ومع ذلك، فقد واجه زمور ردَ فعلٍ عنيفا من جميع الأطراف لاستخدامه أكثر من مائة عنصر فى حملته الانتخابية محمى بحقوق الطبع والنشر، وهو ما أدى إلى تراجع مكانته فى استطلاعات الرأى وجعله بين المركزين الثالث والرابع.
يعتبر زمور من أكثر المشككين فى أوروبا من بين جميع المرشحين على الرغم من أنه لا يدعم الفريكست. رؤيته لأوروبا هى رؤية تستند إلى السياسة الواقعية، ولا يدعم مزيدا من التكامل مع الاتحاد. يجادل زمور بأن ألمانيا وضعت مصالحها قبل الاتحاد، وعلى فرنسا فعل الشىء نفسه لاسيما عندما يتعلق الأمر بالدفاع. يعنى ذلك من الناحية العلمية زيادة ميزانية الدفاع وزيادة حجم الجيش الفرنسى.
بالرغم من تركيزه على الدفاع، إلا أن الحرب فى أوكرانيا قللت بشكل كبير من فرص نجاحه، خاصة بعدما رفض مرارا فى الأسابيع التى سبقت الحرب تقارير المخابرات الأمريكية عن نوايا روسيا فى غزو أوكرانيا وأعرب عن تعاطفه مع بوتين. وتمسك بموقفه بعد الغزو. هو يرى أن الغرب أيضا مذنب كبوتين، ويوضح هذا موقفه من عدم التحالف سواء مع روسيا أو أمريكا، التى يراها خصما أكثر منها حليفا. ويعتقد زمور أيضا أن على فرنسا أن تستقل وتترك القيادة لحلف الناتو.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا

التعليقات