الفراغ النفسى - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفراغ النفسى

نشر فى : الثلاثاء 9 أغسطس 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 أغسطس 2022 - 8:25 م

الحوادث التى تصل إلينا، من الإعلام خاصة الإلكترونى، وحكايات الناس المتواترة، تنبئ عن أزمة قاسية يعيشها المجتمع.
وعندما تشتد الازمات الاقتصادية، ويتسارع إيقاع التغيرات الاجتماعية، ويزداد التفاعل الثقافى مع مجتمعات أخرى، يصبح المجتمع فى مأزق التكيف مع ما يحدث حوله.. وقد لا نحتاج إلى بحوث استقصائية معمقة حتى ندرك عمق أزمة المجتمع المصرى النفسية، والتى تظهرها مواقع التواصل الاجتماعى بوضوح. سبق أن تحدثت عن التقليد الأعمى الذى يلجأ اليه بعض هواة الإعلام الذين يسيرون فى الشارع، مقلدين فى سذاجة، ما يفعله شباب مثلهم فى مجتمعات غربية، يستوقفون الشابات، ويسألون أسئلة جنسية صراحة أو إيحاء. ولكن هناك ظواهر أكثر تعقيدا بدأت تحدث على الفضاء الإلكترونى فى السنوات الأخيرة، من الأمثلة على ذلك قيام مجموعة من السيدات بإنشاء قنوات على موقع يوتيوب لتقديم نصائح للزوجين، ومناقشة مشكلاتهما، وكثير منهن يخضن فى موضوعات جنسية بطريقة فجة، دون حياء، ولا يقدمن نصائح مدروسة بل خلاصة تجارب غير ناضجة، وتتمتع قنواتهن بمعدلات مشاهدة مرتفعة.
لست من دعاة الرقابة الاعلامية، لأنها لم تعد تلائم هذا الزمن، ولكنى اظن ان المجتمع المصرى يعانى من فراغ نفسى يجعله فى حالة طلب مستمر على هذا اللون من الأحاديث، ولا سبيل سوى الاهتمام بما يحدث فى مجتمعات متقدمة من الإرشاد النفسى أو الاسرى، يقوم به متخصصون يقدمون النصح للأشخاص الذين يواجهون مشكلات فى حياتهم، ويحتاجون إلى من يسمعهم، ويتفهم ما يعانون منه، ويأخذ بأيديهم للخروج منها.
فى حياة الناس آلام، وتحديات، ومشكلات، بعضها لا يستطيعون البوح بها إما للخصوصية أو الخوف أو يلجأون إلى الفضاء الإلكترونى الذى قد لا يقدم لهم نصالح حقيقية أو جادة. من يسمع الناس؟ ومن ينصحهم؟ هذه مشكلة قد تحل جزئيا عن طريق قس أو داعية أو شخص حكيم، لكنها تجرى بشكل غير منظم، ولاسيما بالنسبة للشباب الذين يبحثون عمن يسمعهم، رغم انهم الأكثر حديثا وصخبا.
هذه المشكلة مرشحة للازدياد، حيث تتفاقم المشكلات الشخصية، وتتفسخ الاسر، وتنفصم عرى المجتمعات، ونحن افضل من نغطى على الوقائع المخجلة، ولا نعالج المشكلات فى جذورها.
هل يمكن ان تهتم الجامعات بإنشاء كليات أو أقسام للارشاد الاسرى أو الشخصى؟ هل تتبنى وزارة التضامن الاجتماعى ذلك ليس بشكل وظيفى، بل بأسلوب علمى منظم؟ هل تهتم المعاهد الدينية إسلاميا ومسيحيا بتخريج متخصصين لديهم المعرفة العلمية والدينية؟
أسئلة تحتاج إلى نقاش واهتمام.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات