على الرغم من النجاح الكبير فى تسويق حفلات مهرجان الموسيقى العربية، إلا أن منطقة أرض دار الأوبرا المصرية تحتاج إلى نظرة أخرى من الصديقة العزيزة الفنانة ايناس عبدالدايم وزيرة الثقافة.
تعلم الوزيرة تقديرى الشخصى لها ولما تبذل من جهد مخلص فى عملها المتواصل، ولذلك أدعوها صادقا لالقاء نظرة محايدة على ساحة دار الأوبرا، وأنا اقدر ما يمثله لها بحكم عملها كمديرة سابقة للدار.
أقترح على الوزيرة أن تقوم بجولة حرة داخل الساحة، وتنظر للكيفية التى تحولت معها الدار إلى أخطبوط حقيقى هيمن بأذرعه على جميع ارجاء المكان.
ومن المفهوم تماما أن تبتهج الوزارة ونبتهج معها بما تحققه الأوبرا من مكاسب مالية ناتجة عن استعمال الساحة فى المناسبات الاحتفالية مثل مهرجان الموسيقى العربية أو مهرجان القاهرة السينمائى وغير ذلك من المناسبات.
وإذا كانت ظروف «الكورونا» قد فرضت على الوزارة إيجاد مسرح بديل لمسارح الاوبرا التى كانت مغلقة فى ظل الإجراءات الاحترازية، فإن واقع الحال يكشف أن مسرح النافورة قد تحول من «حل» إلى «مشكلة» بعد أن امتد وتوغل داخل الساحة.
من السهل على زائر الأوبرا إدراك هذا التوغل بمجرد تجاوز المدخل والتحرك جهة قصر الفنون، فالأنوار التى تملأ المكان مع «البوسترات» الدعائية لا أظن أنها تليق بمؤسسة كانت فى الماضى تحمل اسم «المركز الثقافى التعليمى».
وما يزيد من الحسرة أن أكشاك تقديم المشروبات وخدمات الأطعمة الخفيفة بمخلفاتها الناتجة عن سلوك المترددين تتصدر واجهة المسرح ويراها القاصى والدانى فى مشاهد لا تليق بحرمة المكان بينما كان من السهل مثلا وضعها جهة محطة المترو المغلقة.
أما أغرب المشاهد فترتبط بالواجهة التى قامت دار الأوبرا بتشييدها كمدخل لمسرح النافورة وتبدو شاذة تماما عن جماليات التصميم الذى صممه المعماريون اليابانيون وكان الغرض من عدم وجود امتداد للتصميم أفقيا السماح للقادم من جهة المدخل النظر باتجاه تمثال سعد زغلول للنحات العظيم محمود مختار وتأمل النيل من هذه الزاوية الفريدة التى لم يعد لها وجود فى ظل البوابة التى تم اختراعها.
ولا أظن أنه من اللائق بوزارة الثقافة التى يقع على عاتقها مهمة الحفاظ على التنسيق الحضارى ودعم الجمال التورط فى هذا النوع من الاعتداء على الفضاء العام، بدلا من الحفاظ عليه واتمنى لو أن المعماريين فكروا فى حل بديل.
أما أكثر أمنياتى إلحاحا فهى مناشدة إدارة الأوبرا للنظر بعين الرحمة لمدخل متحف الفن الحديث والتعامل برفق مع أعمال المثال الكبير عبدالهادى الوشاحى التى تهان يوميا من جمهور مسرح النافورة ويمر أمامها يوميا غير مكترث بقيمتها الفنية.
ولا تقتصر الإهانة على الأعمال الفنية بل امتدت لأى مواطن مسكين يقل عقله ويذهب لمشاهدة أعمال صالون الفن المعاصر فى قصر الفنون فلن يجد بابا واحدا مستعدا لاستقباله من بين جميع أبواب الأوبرا وسيتكفل أفراد الأمن التابعين لدار الأوبرا بـ«تطفيشه» وإجباره على العودة من حيث أتى. أو اجباره على الدوران حول طريق رأس الرجاء الصالح واتخاذ مسار بديل يبدأ من البوابة المخصصة للعازفين قرب قاعات تدريب فنانى الأوبرا وعلى هذا المواطن المشى فى ظل الأسوار جهة محطة المترو المغلقة قبل أن يصل إلى مبتغاه عند قصر الفنون عملا بشعار «الوصفة سهلة/ الوصفة هايلة».
وانا لا أعرف كيف لجهة مثل قطاع الفنون التشكيلية تقدم خدمة ثقافية مجانية وتسعى لجذب جمهور لفن يعانى أصلا من العزلة ثم تأتى هيئة أخرى وتهدر هذا الجهد بل تقوم بـ«تطفيش الجمهور» من خلال أفراد أمن وعلاقات عامة يستندون إلى قوة مجهولة تدفعهم لمعاملة الجمهور بأقصى درجات التعالى.
عانيت شخصيا من تصرفات هؤلاء وعزائى أنهم يؤدون عملهم ويتبعون التعليمات بإخلاص، وعلى الرغم من تمكنى من الدخول إلى قصر الفنون عبر «ممر آمن» دبره لى مدير الإعلام بدار الأوبرا إلا اننى اكتب مشفقا على من يأتى بعدى ويكرر خطأ الدخول إلى ساحة الأوبرا فى المساء.