إلى أين تسير مصر بعد الانتخابات الرئاسية؟ - إلكسندر بلاى - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 6:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلى أين تسير مصر بعد الانتخابات الرئاسية؟

نشر فى : الأحد 10 يونيو 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : الأحد 10 يونيو 2012 - 8:40 ص

يشير الإحصاء البسيط لنسبة الذين اقترعوا لمصلحة المرشحين الإسلاميين فى مصر، أو المرشحين المقربين منهم، فى الدورة الأولى من الانتخابات، إلى أن مرشح النظام السابق أحمد شفيق ليس لديه حظوظ فى الفوز، أو حتى فى «الخسارة بكرامة» فى الدورة الثانية من الانتخابات التى ستجرى فى 16 و17 يونيو، والتى سيتنافس فيها شفيق مع محمد مرسى، المرشح الإسلامى الراديكالى الذى يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر. إذ إن حدوث تطور غير متوقع هو وحده الكفيل بتغيير الصورة الناشئة فى مصر، ومن المنتظر، بدءا من نهاية يونيو، أن يتولى رئيس إسلامى راديكالى رئاسة أكبر دولة عربية، تعاونه سلطة تشريعية أكثر من ثلثى أعضائها من المسلمين المتفاوتين فى درجة راديكاليتهم. مما لا شك فيه أن هذه التطورات فى مصر لا تبشر بالخير، لا بالنسبة إلى إسرائيل ولا بالنسبة إلى مصالح الغرب فى منطقتنا. وعلى الرغم من ذلك، ليس فى إمكان الإدارة الأمريكية، المشغولة بمعركة الانتخابات الرئاسية والفخورة بإخراج جنودها من العراق، إلاّ احترام إرادة الشعب المصرى والتعاون مع النظام الجديد بغض النظر عن هويته.

 

تنتهج دولة إسرائيل بزعامة نتنياهو سياسة حذرة وحكيمة تجاه مصر تعكس بصورة واضحة رغبتها فى أن يواصل النظام الجديد هناك التزامه باتفاق السلام الموقع معها فى سنة 1979. فلا مصلحة لإسرائيل ولا للولايات المتحدة فى التشديد على المخاطر التى ينطوى عليها صعود نظام إسلامى فى مصر.

 

لكن على الرغم من ذلك، من المتوقع أن تتحول مصر فى المدى المباشر إلى عبء اقتصادى على المجتمع الدولى، إذ عليها أن تبلّغ صندوق النقد الدولى، فى 30 يونيو، موافقتها على سلسلة من الخطوات التقشفية من أجل حصولها على مساعدة اقتصادية. ومن الصعب أن يوافق الحكم الجديد على ذلك، فعمليا لا يستطيع الرئيس الجديد أن يضع خطة اقتصادية جديدة خلال أسبوعين. كذلك فإن من مصلحة النظام الجديد التركيز على مشكلة الفقر، وعلى اتهام مجلس الثورة، الذى يسيطر اليوم على الحكم، بأنه هو المسبب له، وبأنه استمرار للفساد الذى كان سائدا فى عهد مبارك.

 

فضلا عن ذلك، وبسبب الوضع الاقتصادى السائد اليوم فى الولايات المتحدة وفى أوروبا، من الصعب، لا بل من المستحيل، إيجاد مصادر للمساعدة الخارجية، باستثناء صندوق النقد الدولى والبنك الدولى. من هنا فإن عدم وجود خطة اقتصادية مصرية سيزيد فى عمق الأزمة الاقتصادية التى يعبر عنها تخفيض درجة التصنيف الائتمانى، وتبعا لذلك صعوبة الحصول على قروض خارجية.

 

قد تساهم الأزمة الاقتصادية الداخلية والمحاكمات التى تجرى ضد مسئولى النظام السابق وضد زعماء المجلس الثورى فى تهدئة الرأى العام المصرى، لكن بعد الانتهاء من تحميل جهات داخلية المسئولية عن الوضع، سيبدأ توجيه إصبع الاتهام إلى إسرائيل والولايات المتحدة. لكن ينبغى ألاّ نرتكب خطأ الاستنتاج بأن تدين زعماء الجمهورية الإسلامية فى مصر لا يسمح لهم بمعرفة الخطوات المطلوبة كى يحصل نظامهم على الشرعية الدولية. فمنذ أواسط التسعينيات استخدمت الزعامة الإسلامية التطورات التكنولوجية من أجل نشر الدعوة الإسلامية الراديكالية، وهى تعرف جيدا ما هى نقاط القوة وما هى نقاط الضعف.  بناء على ذلك، من الصعب أن تسارع هذه الزعامة إلى إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل. لكنها فى المقابل قد تضغط على الولايات المتحدة، بهدف «تحقيق الاستقرار فى المنطقة»، من أجل إدخال تغييرات جوهرية على هذا الاتفاق من شأنها أن تفرغه من مضمونه بالتدريج.

 

يتعلم كل طالب فى العلاقات الدولية أن أغلبية الثورات فى العالم، منذ الثورة الفرنسية، تحمل فى طياتها حربا شاملة بعد مرور خمسة أعوام على قيامها، وذلك من أجل توحيد الشعب حول النظام الجديد أو من أجل إظهار الفرق بينه وبين النظام القديم. وعلى إسرائيل أن تحفظ هذا الدرس جيدا فور الانتهاء من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المصرية.

إلكسندر بلاى  أستاذ فى العلاقات الدولية ومدير مركز الأبحاث الشرق أوسطية فى جامعة أريئيل فى السامرة
التعليقات