العبث - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 8:33 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العبث

نشر فى : الإثنين 10 أغسطس 2015 - 8:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 أغسطس 2015 - 8:52 ص

تعبث الديكتاتوريات والنظم السلطوية بمصائر الناس وحظوظهم، غير عابئة بحقوقهم وحرياتهم. وحين تتفلت من كل القيود الأخلاقية والإنسانية ومن جميع الحسابات الرشيدة المستندة إلى قيم العقل والعلم والعدل والحرية والصالح المجتمعى العام، فإن الديكتاتوريات والنظم السلطوية لا تتورع أيضا عن العبث بحق الناس المقدس فى الحياة شأنها فى ذلك شأن عصابات الإرهاب وجماعات العنف والجرائم ضد الإنسانية.

ليس لدى تفسير آخر غير العبث لبعض الانتهاكات المفزعة التى تتكرر فى مصر والتى تواصل قطاعات شعبية مؤثرة تجاهلها أو التقليل من أهميتها أو تبريرها على نحو فاسد لا يختلف أبدا عن فساد تبرير الإرهاب واستباحة الدماء من قبل من يحملون السلاح ضد المواطن والمجتمع والدولة.

ليس لدى تفسير آخر غير العبث الديكتاتورى والسلطوى بمصائر الناس وحقهم فى الحياة لكى أقارب جريمة قتل مواطنين فى سيارة ترحيلات، أو جريمة تعذيب مواطنين فى أماكن الاحتجاز المختلفة من أقسام شرطة وسجون ومحابس سرية لا يعرف الرأى العام أين هى، أو جريمة الاختفاء القسرى لمواطنين يحول أحيانا الخوف على مصائرهم بينهم وبين إعلان ذويهم عن اختفائهم والمطالبة العلنية باتجاه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بالإفصاح عن وضعهم.

ليس لدى تفسير آخر غير العبث الديكتاتورى والسلطوى بمصائر الناس وحقهم فى الحياة لكى أتمكن من التعقيب على الأنباء الصادمة المتعلقة بوفاة مواطنين من المسجونين أو المحبوسين احتياطيا فى أماكن الاحتجاز المختلفة وعلى جريمة الصمت والتجاهل وغياب الشفافية التى تتورط بها الأجهزة الأمنية وأجهزة رسمية أخرى بحيث لا يعرف الرأى العام أسباب الوفاة وهل كانت طبيعية أم نتيجة تعذيب أو إهمال أو معاملة سيئة.

ليس لدى تفسير آخر غير العبث الديكتاتورى والسلطوى بمصائر الناس وحقهم فى الحياة لكى أرفق شيئا من المضمون العقلى بالتعبير عن الحزن بسبب وفاة النائب البرلمانى فريد إسماعيل فى محبسه ووفاة عصام دربالة فى محبسه وغيرهما من الذين اختلف معهم فكريا وسياسيا لكن لا أتجاهل أبدا الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم ورفض انتهاكها ورفض العبث بحقهم المقدس فى الحياة.

تعبث الديكتاتوريات والنظم السلطوية بمصائرنا، ويعبث أنصارها بعقولنا وحقنا فى المعرفة والوجود فى وطن تصان به كرامتنا الإنسانية كأن تطالب منظمة حاملة ليافطات الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات هيئة الأرصاد الجوية بالشفافية الكاملة إزاء موجة الحر الراهنة وتصمت عن مطالبة الأجهزة الأمنية بشفافية الإفصاح عن أسباب وفاة بعض المسجونين والمحبوسين فى أماكن الاحتجاز.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات