نشر موقع على الطريق مقالا للكاتب «نصرى الصايغ»... نعرض منه ما يلى.
فلنتقاسم لبنان. لتكن القسمة عادلة. القسمة المذهبية ظالمة. أفضل وأعدل التقاسم هو وفق القاعدة التالية: ما لنا هو لنا، وما لكم هو لنا أيضا. علما، أن ما لنا هو قليل جدا، بسببكم، وما لكم هو كثير جدا، بسبب نهبكم ولصوصيتكم وفسادكم.
كفى. لبنان المزرعة على وشك اقتتال الحرامية. كل حرامى منفوخ ومنتفخ، يحتمى بجبة أو عمامة أو مشيخة. تتبعه حثالة من الذين باعوا جباههم، بما يسد بوزهم من فتات يرمى لهم مقابل ولاء أعمى.
لبنان هذا، ليس لبنان الانتفاضة. الانتفاضة أعلنت أن لبنان لكل اللبنانيين، باستثناء غيلان المال والطوائف والعقارات والسماسرة والأتباع. اللبنانيون ليسوا رقيقا للبيع. ألم تقتنعوا بعد، أن الساحات والشوارع والحارات والدساكر هى لبنان؟ ألم تفهموا بعد، أن لبنانكم مقصلة، ولبنان الناس، هو لبنان الحرية والكرامة والديمقراطية؟
غريب.. أنكم لم تفهموا بعد، أن استقواءكم الطائفى، هو مقدمة لحروب أهلية صغيرة، حروب بالكلمات أولا، ثم حروب على الجبهات. لجوؤكم إلى المرجعيات الدينية، هو كفر وطنى، وحقارة سياسية.. أيها العباقرة، إنكم أغبى الأغبياء. «الدين»، ليس أفيون الشعوب دائما. فى لبنان، «الدين» أشد فتكا من الأفيون. أترك لكم ابتداع الصفات السفيهة اللائقة بطائفيات، تتنافس فى ما بينها فى كشف عوراتها. الدين فى أصله، نعمة، فى فروعه هو نقمة.
لا جديد فى ما جاء أعلاه.
الجديد تبدعه الانتفاضة. أبدع ما فيها، أنها كسرت حاجز الخوف، وأنها متعددة، وأنها متحررة، وأنها متمردة، وأن لها صيغا للبنان، قد لا تتحقق أمانيهم ومطالبهم، ولكن وضوحها وجمالها، تنبتنا أنها، بعد مائة عام من السياسات اللصوصية، ماضية إلى ابتداع وطن لمواطنين أحرار.
ماذا يعنى ذلك؟
فلتذهب إلى الجحيم ادعاءاتكم الكاذبة والعاهرة. خلافاتكم لا تغرى أحدا بالرهان على أفرقاء أعداء، كارهين، لا يخجلون من أن يجلسوا معا على طاولة الطعام، ولكل حصته، والفتات للأتباع الغلابة.
فلتذهب إلى الجحيم ادعاءاتهم وفذلكاتهم. إنهم طغمة فاشلة فى كل ما له علاقة بالشعب، ومتفوقة فى التخمة. لقد أفلسوا البلد، وها هم الناس، على أعتاب المصارف، يبحثون عن قرشهم الأبيض، ليومهم الأسود.. لكن أحدا كان يظن أن السواد الأعظم من اللبنانيين، سيصابون بالعمى الأسود، وسيحرمون اللقمة، والدواء، والهواء.. والبلاد.. تبا لكم.
لا وجود لكلمة حلوة تليق بكم.. الشعب فى الساحات والشوارع والحارات، ولم تفهموا بعد لغته. من عاداتكم أن تكذبوا، إلا أن كذبكم هذه المرة فادح. تقولون نحن مع مطالبكم، ثم ترسلون زلمكم، إما لتعكير الصفوف البديعة، أو لقمعها.. تقولون نحن معكم، ولكنكم تدمنون على صفقاتكم، استشارة وتكليفا وتأليفا.
أيها الشريرون.. بعضكم يفكر بالنجاة، عبر ارتكاب الجريمة الكبرى. بعضكم يحتمى بطائفته، ويريد أن يغلقها على الآخرين. المناطق راهنا، مصنفة: هذه للموارنة، وهذه للسنة، وهذه للشيعة وهذه للدروز. لقد بدأت عسكرة المناطق بسلاح الكراهية والحقد. «اللهم نجنا من أسلحة الفتك». للثوار كل المطارح فى المدن والقرى والساحات. إنهم لبنانيون جدا وآتون من كل لبنان ويحلمون بكل لبنان.
يا عباقرة الطوائف.. إنكم أغبياء جدا.
هذا جيل يعى أن صوته يكفيه. أن قبضته تعضده. إن مظلوميته تشجعه، أن جوعه يجعله يجترح المستحيل.
أما أنتم، يا زعماء المراكز النجسة، فلسوف يذكركم التاريخ، بأنكم، بعد مائة عام على المجاعة الكبرى، دفعتم شعبكم إلى الجوع والهجرة والانتحار.
للانتفاضة نقول: لقد أنجزتم الصعب. أمامكم غدا ما هو أصعب. وقوتكم الأقوى هى فى وحدتكم وتنوعكم معا، ومقتلكم، عسى أن لا، عندما تتفرقون وتخطئون فى التصويب. طالبوا وحققوا الممكن. انتزعوا منهم ما لكم.
ماذا لو فازت الطغمة الفاسدة على الانتفاضة؟
عبث. هذه الانتفاضة ولادة وليست عاقرا، وكل الرهان عليها.
ملاحظة: يجب ألا تخشى المقاومة أبدا. فلسطينيتها ضمانة وحماية.