وائل فاروق.. ونظرات أخرى في القيامة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وائل فاروق.. ونظرات أخرى في القيامة

نشر فى : الثلاثاء 11 أبريل 2023 - 9:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 11 أبريل 2023 - 9:10 م
ليس مطلوبا ان تكون مؤمنا بقضية أو مبدأ معين حتى تتفاعل معه، يكفى ان تنظر إلى الظواهر المحيطة، وتتأمل فيها.
تمثل قيامة السيد المسيح اعتقادا حصريا بالنسبة للمسيحيين، لا يؤمن به المسلمون. هذه مسألة مسلم بها، لا نناقشها الآن. ولكنى أقف أمام محاولات مثقفين مسلمين، يعتزون بمعتقدهم الدينى، ولا يحيدون عنه، ورغم ذلك، يرون الحياة متعددة الالوان، والاشكال، والرؤى، ويسعون إلى التفاعل مع تنوعها.
منذ عدة سنوات، كتب «أوميد صافى» أستاذ الدراسات الإسلامية فى جامعة «نورث كارولينا» بالولايات المتحدة تأملاته فى جمعة آلام وقيامة السيد المسيح، لافتا إلى انه لا يؤمن بالقيامة بالمفهوم المسيحى، لكنه يدرك ان البشرية التى تعانى من فقر وحروب وازمات تحتاج إلى قيامة تخرجها من قبرها إلى آفاق الحياة.
منذ أيام هنأ الدكتور وائل فاروق، وهو ناقد مصرى مرموق، يعمل أستاذا بالجامعة الكاثوليكية بميلانو، كبرى الجامعات الخاصة فى أوروبا، اصدقاءه المسيحيين بعيد القيامة، وسجل عددا من التأملات غير العقيدية فى دلالات القيامة التى تتطلع إليها البشرية باستمرار.
يقول وائل فاروق، الذى يدرس اللغة العربية والثقافة العربية فى ايطاليا، إن: ثمة قيامة أخرى، معجزة عودة للحياة كلنا مدعوون إليها.. قيامة أخرى لا ننتصر فيها فقط للحياة على الموت، وإنما ننتصر كذلك على محدودية وعينا بالحياة، كما ورد فى العهد الجديد «الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنْ لَمْ تَعُودُوا فَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَطْفَال، لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَات»، العودة إلى تلك الطفولة الروحية لا تعنى أن نعود بلا خطيئة، لكنها تعنى أن ننظر إلى العالم فلا نرى إلا السحر ولا نختبر إلا الدهشة، أى نجد أن كل ما حولنا استثنائى، فالطفل لا يعرف الظواهر العادية لأنه أكثر انفتاحا على الجمال.
ويضيف وائل فاروق مستشهدا بمثقف آخر هو فالتر بنيامين الذى قال: «إن الطفل لا ينسلخ عن طفولته عندما يدرك أن الكبار أقوى منه بل بالأحرى فى اكتشافه أنه لا يملك قدرات سحرية»، ننسلخ عن طفولتنا عندما نعى عجزنا، وعندما ندرك أنه لا سبيل إلى تجاوزه إلا بامتلاك سلطة ما، حيث ينظر الشخص البالغ إلى العالم من منظور عجزه، بينما ينظر الطفل إليه فلا يرى إلا إمكانات لا نهائية للسعادة، نعود أطفالا عندما لا تخضع أرواحنا لأى سلطة نخاف منها أو نطمع فيها. ويختم وائل فاروق تأملاته قائلا: «نحن أيضا يمكننا أن نقهر الموت قبل الموت، ويمكننا أن نقهر الموت بالحياة».
قراءة غير عقيدية للقيامة، نرى فيها حاجة البشرية إلى الانتصار على الوعى البشرى المحدود، وسلطة الخوف، وقهر الموت بالحياة.
يشير حديث وائل فاروق، وكذلك أوميد صافى، إلى اننا فى مسيرة التواصل بين الثقافات نحتاج دائما إلى الحوار الثقافى المنفتح، الذى يرى فى الأديان معانى مبدعة يمكن استلهامها، والتفاعل معها، دون أن نقصر حديثنا على الاختلاف العقيدى، والسجال حوله، وبناء جدار العزلة، وغلق الابواب فى وجه المثقف المستنير الذى لا يفرط فى إيمانه العقيدى، لكنه يرى الثقافة والإنسانية والتأملات الروحية والفلسفية هى انفتاح الذهن فى زمن التنوع الثقافى.
لن تعجب بالتأكيد تأملات أوميد صافى ووائل فاروق المتعصبين على الجانبين، مسلمين ومسيحيين، لكنها بالتأكيد تنتصر للحياة أكثر مما يدعو إليها فرسان المعابد الدينية التى يحرسونها ليل نهار، فى حين انهم لا يدخلونها بأرجلهم!
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات