نعرف أن هناك أحزابا مؤيدة أو ما يطلق عليه «الموالاة» التى تؤيد وتدافع عن سياسات الحكم. وهو أمر متعارف عليه فى دول العالم، فلا يوجد حكم بدون قاعدة تأييد سياسية سواء كانت حزبا رئيسيا أو مجموعة أحزاب. وإلى جوارهم تأتى المعارضة، وهى التى تختلف جزئيا أو جذريا مع سياسات الحكم، نتيجة اختلاف التوجهات الأيديولوجية، وهو أيضا أمر متعارف عليه فى دول العالم، فلا يوجد حكم بلا معارضين له، أيا كانت أسباب المعارضة، وحدودها. فى الحالة المصرية، ونحن مقدمون على انتخابات رئاسية، نرى هناك موالاة ومعارضة، ومن الطبيعى أن تكون الأحزاب المؤيدة واضحة فى تأييدها، ظاهرة فى مواقفها، ولكن الإشكالية فى أحزاب المعارضة التى يبدو عليها التناقض الشديد فى مشهد يقترب من حالة الأحزاب فى الخمس سنوات السابقة على انتهاء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث بدا التناقض بين أحزاب المعارضة أعمق من تناقض بعضها مع الحكم، وهى على ما يبدو حالة مستمرة منذ عقود. هناك الآن أكثر من تجمع للمعارضة، وبعض الأحزاب تشارك فى التجمعين، ما بين أحزاب مدنية وأخرى التيار الحر، وهى مسألة فى حد ذاتها مهمة فى تحقيق مزيد من التعددية، لكنها فى الوقت نفسه تحرم هذه الأحزاب من فرصة الاتفاق على مرشح معارض يخوض الانتخابات، وتلتف حوله أحزاب المعارضة أسوة بما يحدث فى بعض التجارب الانتخابية.
,هناك أكثر من مرشح، فى الغالب رؤساء أحزاب، أعلنوا بالفعل رغبتهم فى خوض المنافسة.
فى الواقع لا أجد اختلافا فى مواقف أحزاب المعارضة حتى الآن، بينما كانت تتحدث عن الانتخابات منذ شهور ببيانات واجتماعات وأحاديث، إلا أن ذلك لم يسفر حتى الآن عن بلورة موقف يعبر عن أحزاب المعارضة، ولا يزال هناك تباين جذرى بين الأحزاب ذات التوجهات القومية من ناحية، وبين الأحزاب التى تؤيد اقتصاد السوق أو الليبرالية بمعناها الأوسع من ناحية أخرى، ولا توجد مؤشرات حقيقية يمكن الاستعانة بها لقياس شعبية أى من هذه الأحزاب، وإن كان من الملاحظ أن الأحزاب جميعا تعانى من انخفاض الجماهيرية، وضعف المشاركة، وعدم القدرة على التواصل مع الجماهير، وتتعدد الأسباب، بعضها يرجع إلى انكماش المجال العام فى السنوات الماضية، والبعض الآخر يعود إلى ضعف الأدوات الحزبية التى يمكن الاستعانة بها فى بناء قواعد شعبية.
واقع الحال أن أحزاب المعارضة تواجه إشكالية كبرى، سوف تظهر بالتأكيد فى الانتخابات الرئاسية التى باتت على الأبواب، وما سوف يليها بعد شهور من استحقاق انتخابى برلمانى.