يتبقى أيام قليلة على موعد دخول دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوى. من المحتمل جدا أن يشكل ذلك منعطفا بالنسبة إلى إسرائيل، وتحولا فى وجهة مسار السنوات الثمانى الأخيرة. يوصف ترامب بأنه شخصية متقلبة ولا يمكن توقع ردود فعله، لكن باستثناء قول واحد له بأن على إسرائيل أن تمّول نفقاتها، فقد وجّه ترامب لنا رسائل إيجابية استثنائية.
لقد حاول شخصيا منع مجلس الأمن من إصدار القرار 2334 المعادى لإسرائيل. وسفيره فى إسرائيل ديفيد فريدمان، رجل صهيونى علنا وكذلك مندوبه للمفاوضات فى الشرق الأوسط جايمس غرينبلت. ولا يعتقد ترامب أن المستوطنات عقبة فى وجه السلام، ويبدو مصرا على نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.
***
من المتوقع أن يكون لسياسة ترامب المؤيدة لإسرائيل تأثير فى طريقة تعامل حكومات أخرى معها. ونحن نشهد مؤشرات على ذلك فى نقد بريطانيا لخطاب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى المعادى لإسرائيل، وفى إدانة أستراليا لقرار مجلس الأمن. وسيكتشف الفلسطينيون أن مصر والسعودية ودول الخليج لن تدخل فى مواجهة مع ترامب دفاعا عن مطالبهم المتشددة وغير العقلانية.
روسيا هى اللغز الحقيقى. لقد حاول وزير الخارجية لافروف تأجيل التصويت فى مجلس الأمن، واستخدام حق الفيتو ضد مساعى ضم خطاب كيرى كجزء من سياسة اللجنة الرباعية. كما أوضح أن مفاوضات السلام لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مفاوضات مباشرة ومن دون شروط مسبقة. وفى هذه الأثناء، ينشغل نتنياهو بنقاشات حميمة لا نهاية لها مع الرئيس بوتين تتعلق بسوريا وأمن الحدود وشئون الشرق الأوسط.
إن مبادرة أمريكية ــ روسية تستطيع أن تردع إيران وحزب الله عن شن هجمات ضد إسرائيل. لكن فى الوقت ذاته من المحتمل أن تتطور علاقة الرئيسين نحو فرض تسوية تتعارض مع مصالحنا. مع ذلك ثمة أمل حقيقى فى أن تحمل سنة 2017 معها تغييرات دراماتيكية وانعكاسات إيجابية مهمة بالنسبة لإسرائيل.
***
من المهم أن تظهر إسرائيل موحدة وأن تضبط نفسها. إن طبيعة علاقتها مع الإدارة الجديدة ستتحدد خلال الأشهر المقبلة. وإذا توصلت إلى إجماع فيما يتعلق بالموضوعات الحساسة ستكون لديها فرصة لإقناع الإدارة الأمريكية بتبنى مطالبهم الجوهرية. وإذا لم تحقق ذلك، فمن المحتمل أن تقف فى مواجهة مع رئيس وكونجرس ديمقراطيين بعد أربع سنوات. فى هذا الوقت الحاسم، ممنوع أن يدلى وزراء بتصريحات متغطرسة تتعلق بالمستوطنات وبالضم. إن الوقت الحالى ليس وقتا للنقاش حول أهمية توسيع المستوطنات أو الضم خارج كتل المستوطنات.
حسنا يفعل نتنياهو إذا تشاور مع ترامب وجها لوجه ويحصل على موافقته على الموضوعات الجوهرية التالية: إعادة إقرار رسالة الرئيس بوش العائدة إلى أبريل 2004، والتى وافق فيها على أن تحتفظ إسرائيل بكتل المستوطنات؛ تأييد أمريكى لضم كتل المستوطنات الأساسية؛ الاعتراف بضم هضبة الجولان؛ تعهد أمريكى بممارسة ضغط على إيران. وبالإمكان تحريك شبكة علاقات نتنياهو الممتازة مع بوتين ضد إيران وحزب الله، والدفع قدما بالموقف العام لأمريكا بهدف تحييد التحيز ضد إسرائيل فى الأمم المتحدة.
وفيما تتطلع أغلبية الإسرائيليين إلى الانفصال عن الفلسطينيين، فإن حل الدولتين لا يلوح فى الأفق. وبدلا من العودة إلى تكرار شعار: «دولتان أو استمرار الوضع القائم»، فمن الأجدى تطوير سياسة بديلة من شأنها أن تشمل تنازلا للأردنيين والمصريين عن مناطق محتلة.
***
إذا نجح نتنياهو فى وضع أسس شبكة علاقات مثمرة مع ترامب، فإن العام 2017 يمكن أن يكون منعطفا إيجابيا بالنسبة لإسرائيل.
إيزى ليبلر
محلل سياسى
يسرائيل هَيوم
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية