«الفيسبوك» يعيد تقديم الإنترنت فى صورته السيئة - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الفيسبوك» يعيد تقديم الإنترنت فى صورته السيئة

نشر فى : الأربعاء 13 فبراير 2019 - 11:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 13 فبراير 2019 - 11:50 م

نشرت مجلة New Republic مقالا للكاتب ALEX SHEPHARD يتناول فيه التحديات التى تواجه موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» وتحوله من موقع يلعب دورا فى التواصل الاجتماعى إلى شركة معقدة تلعب العديد من الأدوار فى عالم اليوم.
منذ خمسة عشر عاما، أطلق مارك زوكربيرج موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك». والتى لديه الآن ما يقرب من 2 مليار ونصف المليون مستخدم عبر تطبيقاته المختلفة، بما فى ذلك «الانستجرام» و«الواتس آب»، وتبلغ قيمته السوقية نحو 500 مليار دولار. أى يمكننا القول، إنها واحدة من أكثر الشركات الناجحة والمترابطة على الإطلاق. ولكن إذا كان الحكم يستند على «الرؤية العظيمة» لمؤسسها ــ أى هدفه فى بداية إنشاء هذا الموقع، فإن الشركة فشلت بلا منازع.
منذ فترة طويلة تحدث «زوكربيرج» عن أن شركته لا تستهدف زيادة عدد المستخدمين واحتكار إيرادات الإعلانات. حيث إن «فيس بوك» يهدف إلى جعل العالم مكانا أفضل وأكثر سلاما من خلال ربط الأشخاص الذين كانوا، قبل وجود هذا الموقع، تفصل بينهم الحدود الجغرافية. فقد كتب زوكربيرج فى بيان نُشِر فى فبراير 2012: «لم يتم إنشاء فيس بوك بالأساس ليكون شركة.. لقد تم تصميمه لإنجاز مهمة اجتماعية ألا وهى، جعل العالم أكثر انفتاحا واتصالا».
يمكننا القول إن الفيسبوك هو فى الواقع الصفحة الأولى من الإنترنت أى الموقع الأشهر، حيث إنه من بين كل خمس دقائق يقضيها الفرد على الإنترنت دقيقة يقضيها على الفيس بوك، لذا فقد نجح فى ربط الكثير من الأفراد حول العالم ــ ولكن فى كثير من الأحيان إلى الأسوأ. بعيدا عن تحرير الأفراد من الاستبداد والظلم، ظهر أن الفيس بوك يغذى الاضطرابات والعنف وحتى الإبادة الجماعية. إن المكان نفسه الذى تذهب إليه لتهنئة أحد أصدقائك أو أقاربك بعيد ميلاده، هو بالنسبة إلى العديد من الدول وحتى الجهات غير الحكومية، مركزا حيويا لممارسة الدعاية والتضليل والتجنيد. وحتى إذا استطاع الفيس بوك فى 15 سنة القادمة مواجهة تلك التحديات أو لم ينجح فى ذلك، فسيكون هذا هو الإرث الذى تركه على الإنترنت ككل.
كان تطور وانتشار» فيس بوك» أمرا صعبا وغير متوقع، بعد إطلاقه كشبكة اجتماعية فى هارفارد فقط فى فبراير 2004، انتشر بسرعة فى جميع أنحاء الجامعات قبل إتاحته لكل شخص فى الولايات المتحدة فى سبتمبر من عام 2006. بحلول خريف عام 2012، كان لديه مليار مستخدم؛ وبعد مرور خمس سنوات، تجاوز عدد المستخدمين المليار.
***
فى البداية، كان «زوكربيرج» مقاوما ورافضا للإعلانات على الموقع، فى اعتقاد منه أنها تشتت تجربة المستخدم على الموقع. ولكن بعد أن انضمت شيريل ساندبرج ــ كبيرة مسئولى التشغيل فى الفيسبوك ــ إلى الشركة فى عام 2008 حيث كانت تعمل فى جوجل من قبل، ومع توجهاتها لجعل الشركة تحقق أرباحا هائلة، احتضنت فيسبوك عملية تتبع شاملة للمستخدمين وأصبحت واحدة من أقوى شركات الإعلانات على مستوى العالم. وارتفعت إيراداتها فى السنوات الأخيرة، لتصل إلى 55 مليار دولار فى عام 2018.
وفى الوقت نفسه، أصبحت الشركة كبيرة ومعقدة لدرجة أنه لا يمكن لأحد أن يفهمها، بما فى ذلك زوكربيرج وساندبرج. حيث أصبح عبارة عن شبكة اجتماعية، وشركة إعلانات، ومركز لتجميع البيانات يعمل بلا هوادة على فحص المستخدمين وملفات تعريفهم. وتستخدمه الشركات التى ترغب فى إيجاد عملاء جدد، وكذلك الحكومات التى تسعى إلى إحباط الهجمات الإرهابية، والتدخل بشكل متزايد فى الانتخابات والشئون الداخلية للخصوم.. يمكننا القول إن نشاط الفيس بوك الإعلانى لعب دورا محوريا فى هلاك وسائل الإعلام الأمريكية. لقد تطور الموقع الذى كان فى يوم من الأيام مكانا للالتزامات الاجتماعية، وهو مكان يمكن من خلاله مشاركة المعالم والذكريات بسهولة مع العائلة والأصدقاء؛ ليصبح عالما فى حد ذاته يلعب دورا محوريا، وغالبا ضارا، فى الديمقراطيات والديكتاتوريات على حد سواء. لقد تم الاستيلاء عليه من قبل القراصنة فى جميع أنحاء العالم، الذين يستخدمونه لنشر المعلومات الخاطئة ورسائل الانقسام العرقى بسرعة مخيفة، وتسهيل عمليات القتل فى الهند والإبادة الجماعية فى ميانمار.
بالفعل، لم يخترع الفيس بوك الدعاية أو التضليل؛ لقد استخدمت وسائل الإعلام لنشر الكراهية والعنف منذ أن وجدت. من المحتمل، أن العديد من الأعمال السيئة التى يلقى باللوم على فيسبوك فى نشرها كانت ستحدث حتى لو لم يكن موجودا. لكن الفيس بوك جعل من السهل إطلاق هذه القوى السلبية وتسخير الإنترنت لأفعال مروعة.
***
سوف يتغير الفيس بوك بشكل كبير خلال الخمسة عشر عاما القادمة. كيف سيتعامل الفيس بوك مع مشكلة الأخبار المزيفة؟. يمكننا القول إن الفيس بوك غير مؤهل للتعامل مع هذه التهديدات المستقبلية، نظرا للفشل الذريع فى معالجة الأزمات الكثيرة التى واجهته أخيرا والتى تتمثل فى تعامله مع بيانات المستخدمين واستغلالها، إلى نشر المعلومات الخاطئة التى ربما تكون قد أدت إلى حدوث تسويات فى الانتخابات فى الولايات المتحدة وألمانيا وفى أماكن أخرى.
وهذا يجعل هذه اللحظة محورية، ليس فقط فى تاريخ فيس بوك، ولكن فى تاريخ أمريكا، إن لم يكن العالم بأكمله. حيث لم تظهر أى شركة تتحدى نفوذ وسيطرة الفيس بوك، حيث إنها لا تزال تجذب عددا كبيرا من المستخدمين وتحقق أرباحا قياسية. سيتطلب الأمر اتخاذ إجراءات جماعية لإجبار الشركة على التغيير، بحيث لا تبدو السنوات الخمس عشرة القادمة من الإنترنت مثل الإنترنت اليوم ــ الذى يهيمن عليه الفيس بوك إن لم يكن أسوأ.
للحكومات، والأهم من ذلك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، القدرة على تقليل تأثير الشركة الشديد على المجتمع، من خلال القوانين التى من الممكن أن تقيده بشكل أكبر. إن المشكلة الأساسية القادمة هى إذا أصبح الفيس بوك بحلول عام 2034، هو مساحتنا الخاصة التالية، لا يسعنا إلا أن نتساءل ما الذى يخبئه لنا «الفيس بوك التالى». من فظائع!

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:  من هنا

التعليقات