أنجحت نسبة مشاركة الناخبات والناخبين المرتفعة المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. واليوم أدعو ناخبى المرحلة الثانية للمشاركة بكثافة وتسجيل تفضيلاتهم السياسية بصندوق الانتخابات. نتائج الانتخابات غير معلومة سلفا، فالنظام السياسى الذى كان يزور لم يعد معنا. التشكيل النهائى لمجلس الشعب لم يحسم بعد، ولم تقدم نتائج المرحلة الأولى والتى حصد بها الإسلام السياسى عددا كبيرا من المقاعد إلا مؤشرات قد تستمر أو تتراجع وفقا لنتائج المرحلتين الثانية والثالثة. الاختيار الآن لكم، ناخبات وناخبو المرحلة الثانية، فلا تسجلوا نسبة مشاركة أقل من نسبة المرحلة الأولى.
فى المرحلة الأولى قام القضاة والجيش والأمن وموظفو الدولة بالأدوار المنوطة بهم للإشراف على الانتخابات وتأمينها وإدارتها. واليوم فى المرحلة الثانية أدعوهم لتلافى الأخطاء واحتواء بعض التجاوزات التى حدثت فى الأولى. ينبغى منع كل أشكال الدعاية الانتخابية فى محيط المقرات الانتخابية وأمامها وبالقطع داخلها، كذلك يتعين منع مندوبى القوائم الحزبية والمرشحين من التأثير على الناخبين أثناء الأدلاء بأصواتهم. نحتاج أيضا لمجهودات أكبر، أيضا من قبل المراقبين المدنيين، لمحاربة محاولات بعض المرشحين شراء الأصوات (إن نقدا أو بتوزيع الهدايا العينية) والتى يبدو أنها فى حالات محدودة بالمرحلة الأولى أسهمت فى إيصال مرشحين لعضوية مجلس الشعب على حساب مرشحات ومرشحين أكثر جدارة وشعبية. ينبغى أيضا السيطرة وبأدوات قانونية على إقحام الدين فى الدعاية الانتخابية والتعامل بجدية مع بلاغات المواطنين ضد مثل هذه الممارسات التى تسىء للدين قبل أن تسىء للسياسة والانتخابات.
إعلاميا، وعلى الرغم من تميز متابعة المرحلة الأولى ونتائجها، يتعين إعادة النظر فى بعض الأمور. فمن غير المقبول أن توظف القنوات التليفزيونية والصحف الخاصة للدعاية الانتخابية الأحادية وفقا لتفضيلات الممولين السياسية. من المرفوض أيضا أن يروج فى الإعلام لقراءات متسرعة لنتائج الانتخابات تواجه الناخب بمبالغات تحبطه وتباعد بينه وبين صندوق الانتخابات. فنتائج المرحلة الأولى عرضت إعلاميا كمشهد انتخابى اكتسحه الإسلام السياسى بالكامل وتجاهل بعض الإعلاميين شرط الموضوعية وانطلقوا من المرحلة الأولى لحديث سبق لأوانه عن تشكيل نهائى لمجلس الشعب يسيطر عليه الإسلاميون.
هذه المبالغات خطيرة للغاية، شأنها هنا شأن توظيف الإعلام للترويج لنظرة استعلائية يدعى من خلالها بعض أطراف النخب السياسية والفكرية أن الناخبات والناخبين اختاروا القوائم الحزبية والمرشحين على المقاعد الفردية دون وعى. فشعبنا يحتاج للتشجيع على ممارسة الديمقراطية والمشاركة فى الانتخابات وليس أسوأ من ادعاء أن الشعب يشارك دون وعى ولا يدرك من أمره شيئا لكى نباعد بين الناخب وصندوق الانتخابات. دعونا نوقن، رغم تجاوزات من شاكلة «صوتك للجنة» وافتراءات مثل «الكتلة الصليبية» و«الليبرالية تعادى الدين» أتجاهلها هنا عمدا، بأن من يختار الإسلامى يختاره عن وعى وكذلك من يختار التيار المدنى. دعونا نطمئن الناخب بأن اختياراته محل تقدير واحترام وأنها تعبير واع عن تفضيلاته السياسية التى قد تتغير وفقا لأداء من أعطاهم صوته خلال الأعوام القادمة، وكذلك أداء من ابتعد عنهم بصندوق الانتخابات اليوم. فالصندوق هذا حتما عائد لنا ومشاركتنا الحالية به لن تكون الأخيرة.