انتقل معرض القاهرة للكتاب لمقره الجديد فى منطقة التجمع بمركز مصر للمعارض الدولية، وعلينا ان نعترف ان المقر القديم فى السنوات الأخيرة لم يكن صالحا لتنظيم أى معرض ولم تكن له الا ميزة واحدة هى وجوده فوق محطة مترو وقريبا من خطوط الاتوبيس والسرفيس وبفضل هذا القرب كانت زيارة المعرض سهلة ورخيصة ميسرة لجميع الفئات.
وبخلاف هذه الميزة لم يكن وضع اجنحة العرض يسر لا عدو ولا حبيب وكانت المغامرة الاكبر فى المعرض هى محاولة دخول حمام أو البحث عن سندويتش نظيف بسعر معقول أو طلب كوب شاى صالح للاستعمال الآدمى وكلها بديهيات جعلت من أرض المعرض القديم ساحة حرب تحفل بكل أنواع الغبار.
يقول من عاصروا تجربة انتقال المعرض من أرض الجزيرة إلى مدينة نصر إن الغالبية كانت ترفض عملية الانتقال بنفس الحجج التى يرفعها رواد المعرض على مواقع التواصل الاجتماعى لكن التجربة نجحت مع الوقت وهو ما تراهن عليه وزارة الثقافة التى نظمت الاسبوع الماضى مؤتمرا صحفيا وجولة مع الاعلاميين للتعريف بالمقر الجديد وأشهد أنه لا يقل جمالا عن المعارض العربية التى شهدت طفرات فى المبيعات خلال السنوات الأخيرة.
والعارفون بتلك المعارض يدركون ان ما ينقصها كانت تملكه القاهرة وهو الجمهور الذى كان كلمة السر فى نجاح معرض القاهرة، رغم تدهور مستوى الخدمات. وكنت اتوقع مثلا ان تبذل هيئات الدولة جهدا مضاعفا لحفز الجمهور ودفعه لزيارة المعرض عبر حملات اعلامية منظمة، فضلا عن وسائل حفز أخرى تخص هموم الانتقال فبخلاف خطوط المواصلات التى تم الاعلان عن تشغليها كان يجب التفكير فى «كارت موحد « يتيح للزائر استعماله على كل تلك الخطوط ويتيح له ايضا دخول المعرض على ان يعرض بسعر رمزى فى الجامعات واماكن التجمعات الشبابية ومحطات المترو والاكشاك التى تقدم خدمات البيع ودفع الفواتير وهى كثيرة.
فقبل ايام من انطلاق المعرض لا نزال نخشى من أن تكون دورة الاحتفال باليويبل الذهبى التى دعمتها الدولة بشتى السبل دورة بلا جمهور.
وشخصيا ما زالت اشك فى قدرة الخطوط المعلن عن تشغليها فى استيعاب نحو 400 الف مواطن كانوا يدخلون للمعرض يوميا فى المقر القديم (زادت اعداد الزائرين العام الماضى عن 4 ملايين زائر) لذلك نشطت حملات للمقاطعة وبدأت من بعض شباب المثقفين ومن تجار سور الازبكية الذين كانوا من أبرز عناصر الجذب فى السنوات العشر الأخيرة.
غاب تجار الازبكية عن المعرض ونظموا أمس معرضا بديلا فى منطقة تركتها الدولة نهبا للعشوائية والفوضى فلم يعد يذهب لها الا الراغبون فى شراء الكتب المدرسية فى حين أنه كان بإمكان الدولة تحويل السور فى قلب حديقة الازبكية التاريخية إلى محمية ثقافية تدر عليها دخلا محترما كما فى اغلب الدول الكبرى وفى نفس الوقت تضع داخلها آليات لحصار الكتب المزورة التى يعيش اغلب تجار السوق على عائد بيعها لذلك ينبغى من الان التفكير فى حل للتعاطى مع هؤلاء التجار وهو اجراء لا يمكن النظر اليه بمعزل عن تطوير منطقة العتبة الخضراء كلها، فلابد من حماية ما تبقى منها وتحرير مواقع تجار السور من الحصار الذى يتعرضون له من الباعة الجائلين فى ممرات السوق وهى عملية ستنقذ معها مسرح العرائس ومسرح الطليعة والمسرح القومى ونادى السلاح المصرى النائم داخل الحديقة التى لا يدخلها أحد وترفع تاريخيا شعار «مغلق للتحسينات».