روسيا تستثمر «الانقلاب الأمريكى» على الخليج.. سوريا - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:14 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روسيا تستثمر «الانقلاب الأمريكى» على الخليج.. سوريا

نشر فى : الإثنين 15 مارس 2021 - 7:20 م | آخر تحديث : الإثنين 15 مارس 2021 - 7:20 م

نشر موقع 180 مقالا للكاتب سميح صعب، تحدث فيه عن نجاح زيارة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف لمنطقة الخليج خاصة بعد سماعه كلاما مشجعا من الجانب السعودى والإماراتى بشأن سوريا. بمعنى آخر، وجد لافروف أن منطقة الخليج منفتحة على التطبيع مع إسرائيل، فلماذا لا تكون منفتحة على دمشق محاولا استغلال الوقت الذى لا تبدو فيه العلاقات الأمريكية ــ الخليجية على ما يرام... نعرض منه ما يلى.
ليست جولة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف الأولى من نوعها إلى منطقة الخليج، لكنها اكتسبت، بتوقيتها ومضمونها، بعدا مختلفا عن الجولات السابقة. لماذا؟
فى رحلته الخليجية المسهبة، سمع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف كلاما مشجعا عن سوريا من الإماراتيين والسعوديين، بينما أبدت الدوحة بدعم تركى، صدودا لأى حديث عن عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية. بالنسبة إلى قطر، الأسباب التى حدت بالجامعة إلى تعليق عضوية سوريا عام 2011 «لا تزال قائمة». طبعا، لم تكن سوريا هى الموضوع الوحيد الذى تطرق إليه لافروف فى جولته، التى أتت فى وقت لا تبدو فيه العلاقات الأمريكية ــ الخليجية على ما يرام، منذ غادر الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب البيت الأبيض ليدخله جو بايدن حاملا معه مبدأ «إعادة ضبط» علاقات الولايات المتحدة مع دول العالم على أساس الموازنة بين القيم والمصالح الأمريكية. ليست دول الخليج وحدها من تأثرت بهذه المراجعة للسياسة الخارجية الأمريكية. روسيا ومن بعدها الصين، طالتهما انعكاسات هذه المراجعة. كذلك أتت جولة لافروف فى وقت لا يظهر أن العودة الأمريكية إلى الاتفاق النووى مع إيران متيسرة، بينما حرب اليمن تتصاعد ولا تخبو رغم الإصرار الأمريكى على وقفها. فى هذا الوقت المستقطع، وريثما تنتهى عملية إعادة التقويم الأمريكية بترجيح المصالح على القيم، كما جرت العادة، سعت موسكو إلى البحث عن قواسم مشتركة مع الخليجيين، من أجل أن يعيدوا هم أيضا ضبط علاقاتهم بمحيطهم، وإذا كان ذلك متعذرا مع إيران، فمع سوريا على الأقل، بعد عشرة أعوام من الحرب العبثية، التى راح ضحيتها مئات آلاف القتلى والمفقودين، فضلا عن خسائر اقتصادية بنحو 500 مليار دولار وفق تقديرات الأمم المتحدة، وباتت البلاد تحت احتلال تركى وإدارة كردية ذاتية بحماية عسكرية أمريكية مباشرة، ونفوذين روسى وإيرانى. وربما وجد لافروف أنه بما أن دول الخليج العربية قادرة على الانفتاح على إسرائيل، فما الذى يمنع معاودة الانفتاح على دمشق، لا سيما أن أبو ظبى والمنامة كانتا بدأتا السير فى هذا الاتجاه وعاودتا فتح سفارتيهما فى العاصمة السورية عام 2018، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة وتلجم التطبيع الإماراتى ــ البحرينى الكامل مع دمشق.
بعبارة أخرى، تحاول روسيا اليوم، البناء على حالة الاستياء السائدة بين الخليجيين والولايات المتحدة، من أجل تنقية العلاقات الخليجية ــ السورية، وإعادتها إلى مسارها الطبيعى. ولماذا لا يتكرر سيناريو المصالحة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة ثانية، مع سوريا. وإذا كانت واشنطن هى عرابة التسوية الخليجية ــ الخليجية، فلماذا لا تكون موسكو هى عرابة المصالحة الخليجية ــ السورية؟ وفى وقت بدأت تركيا ومصر، كاستطراد للمصالحة مع قطر، السير فى طريق استعادة العلاقات، لماذا استثناء سوريا من مناخات المصالحات السائدة فى المنطقة؟ جزء من الإجابة حملته إجابة وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على هذا التساؤل عندما أشار إلى «قانون قيصر» الأمريكى، فى إشارة إلى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية غير كافية طالما تستمر العقوبات بعنوان «قيصر» أو ما سيأتى من عقوبات لاحقا، بينما نظيره السعودى فيصل بن فرحان، وإن أبدى رغبة مبدئية فى إعادة سوريا إلى «الحضن العربى»، فإنه رهن ذلك بتقدم الحل السياسى فى سوريا. وحده وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، كان حاسما بقوله، إن الأسباب التى أدت إلى تعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية لا تزال قائمة. بيد أنه عند النظر إلى البيان الروسى ــ القطرى ــ التركى المشترك (وهو الأول من نوعه)، الذى تحدث عن إنشاء «آلية مشتركة» من الدول الثلاث لمتابعة الملف السورى، يتبين أن لافروف فتح ثغرة ولو صغيرة فى جدار الممانعة القطرية حيال سوريا. هذه الآلية التى تحدث عنها البيان ستكون شبيهة ربما بـ«آلية أستانا» بين روسيا وإيران وتركيا، علما بأن الوزير الروسى حرص على الإيضاح بأن الآلية الجديدة لن تكون بديلا من أستانا. جملة القول، إن الحراك الروسى فى ما يعنى سوريا، أمامه فرصة ليصادف بعض النجاح، انطلاقا من ظروف السياسة الدولية السائدة ذاتها. فدول الخليج العربية قد تكون مهتمة الآن، بإرسال إشارة إيجابية نحو روسيا، فى زمن «الانقلاب» الأمريكى عليها. صحيح أن روسيا لا تملك قوة الولايات المتحدة، اقتصاديا وعسكريا، لكنها تتمتع بميزة لا تتمتع بها واشنطن، وهى أنها وسيط محايد وتملك علاقات جيدة مع كل الدول فى الشرق الأوسط من دون استثناء، وهذا عنصر قوة للدبلوماسية الروسية.

النص الأصلى:
https://bit.ly/3cyN5QO

التعليقات