يمتلك مجلس الشعب شرعية ديمقراطية كفلها له صندوق انتخابات غير مزور ومشاركة شعبية مرتفعة فى العملية الانتخابية (بالمقاييس المصرية). إلا أن القبول الشعبى العام للمجلس لن يتحقق إلا باستكمال مقوم الشرعية الديمقراطية بمقوم آخر للشرعية يتمثل فى شرعية الإنجاز، وهذه لن تتأتى إلا بأجندة تشريعية ورقابية فعالة. الشعب يريد تحسين ظروفه المعيشية والارتقاء تنمويا بالمجتمع، الشعب يريد نقل السلطة للمدنيين على نحو منظم وسريع، الشعب يريد العدالة الاجتماعية وتطهير أجهزة الدولة، الشعب يريد احترام حقوق الإنسان ومحاسبة منتهكيها، الشعب يريد الحفاظ على الدولة واستعادة عافية مؤسساتها. الشعب يريد وعلى مجلسه أن يتصدى لهذه المهام بفاعلية وأمانة.
شرط الفاعلية الأول هو توافق أغلبية مستقرة داخل المجلس على الأولويات التشريعية والرقابية ووضعها فى جدول زمنى واقعى وإعلانه على الرأى العام. المشاورات التى تدور اليوم بين الأحزاب والكتل المختلفة داخل المجلس وتهدف للتوافق حول شاغلى المناصب الأساسية به ينبغى أن تمتد سريعا لبناء التوافق حول الأولويات.
شرط الفاعلية الثانى هو بناء الثقة بين الأحزاب والكتل المختلفة وحرصها جميعا على تجاوز صراعات ما قبل الانتخابات واستقطابات المشهد الانتخابى. نخبة السياسة فى مصر مريضة بآفة إهدار طاقتها ووقتها فى صراعات جانبية ومعارك مفتعلة وتقع من ثم دوما فى محظور إهمال القضايا الحقيقية أو تناولها بصورة شديدة التباطؤ وفى بيئة سياسية متوترة. الكثير من هذا أعدنا جميعا إنتاجه خلال الأشهر الماضية وحملنا (إسلاميون ومدنيون) بسببه ثمنا باهظا هو فقدان ثقة المواطنات والمواطنين وإحباطهم.
شرط الفاعلية الثالث هو إقناع الرأى العام بأن المجلس وبأغلبية مستقرة يريد أن يراقبه الشعب ويحاسبه وعازم على العمل بشفافية وعلانية. عزلة من هم داخل المجلس وتحت قبته عن الشعب خارجه وعن المجتمع المدنى وعن المواطن الناخب المهموم بحال مصر خطر كبير ومصدر محقق لفقدان الفاعلية. عضو المجلس المنتخب لم يحصل بانتخابه على «شيك على بياض» من الناخبات والناخبين، بل دخل معهم فى علاقة تعاقدية مشروطة بتنفيذ ما وعد به وبقبول الرقابة والمحاسبة والتصويب.
شرط الفاعلية الرابع هو تحقيق نجاحات حقيقية وسريعة تطمئن المصريات والمصريين إلى أن المجلس قادر على العمل بفاعلية. اختبارات الأيام والأسابيع الأولى شديدة الأهمية. ونجاحنا فى صناعة التوافق حول الأولويات التشريعية والرقابية وحول الجدول الزمنى لنقل السلطة وفى وضع أقدامنا على مسار توافقى لكتابة دستور للدولة الديمقراطية المدنية (ولتختلف مسمياتها بين الأحزاب والكتل، المهم أن تضمن حقوق المواطنة المتساوية وسيادة القانون وتداول السلطة) وفى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين سيعطى للنواب المنتخبين ثقة شعبية واسعة. تماما كما سيعنى الفشل فى هذه الاختبارات تهاوى الثقة وفقدان مقوم شرعية الإنجاز وغياب التلاحم بين المجلس والشعب بشارعيه الثائر والخائف.