يأتون بترشيحاتهم من النساء ويرسلون نساءهم هنا وهناك، بين كل مجموعة من الرجال يدسون اسم بعض النساء، وبين كل مراكز قيادية هناك نساء أيضا، وبين حكومات جديدة توجد نساء ونساء. بل وعند نقد بعض دول الجنوب ومنها العربية لقلة وجود النساء فى مراكز صنع القرار، يخرج أحدهم تلك الورقة الرابحة ويرمى بها على الطاولة وما هى إلا بضعة أسماء لبضع نساء.
***
حتى المنظمات التى تنادى بتمكين المرأة ومشاركتها واحترام رأيها وغيرها من الشعارات الجميلة، هى الأخرى تزين مناصبها بالوجوه والأسماء النسائية، وحبذا لو طعموا الأسماء ببعض النساء من دول الجنوب حتى لا يبدو أن الرجل الأبيض يسيطر ومن بعده المرأة البيضاء، ثم الرجال من غير البيض وبعدهم فى آخر القائمة تأتى النساء من قارات أخرى غير أوروبا وأمريكا وأستراليا.. فعندما سئل الأمين العام للأمم المتحدة الحالى السيد أنطونيو جوتيرش عن موقفه من قلة النساء فى المناصب القيادية فى منظمات وبرامج الأمم المتحدة، رفع شعار النساء فى الريادة فى فترة توليه هذا المنصب. وقد قام هو الآخر «بتجميل» المراكز القيادية فى منظماته بالنساء، بل فعل أكثر من ذلك لم يتركهن جميعا من البيض فقط ومن تلك القارات التى استحوذت على المناصب العليا لسنين وسنين وإدارة المنظمات حسب أجندات ليس فى كثير منها مطابق لأولويات الشعوب الأخرى غير «البيضاء»، ولكن من يسأل حكومة الكون فكل الحكومات متشابهة دون مسألة إلا «صوريا». جمل جوتيرش فترة رئاسته بالنساء ليبعد الانتقادات عنه، فلماذا لا تفعل الحكومات التى تقدم لها المنظمة النصح والإرشاد وطريق «السلامة!».
***
المثير أنه لا تُعين امرأة، إلا إذا كانت مدعومة من رأس الهرم فى بلدها أو فى المنظمة أو كليهما. وما إن تتعين إلا وتتعرض لحملة فى كثير من الأحيان تكون مجحفة ومبالغا فيها أو حتى كاذبة. فيما لا يتعرض زملاؤها من الرجال لأى نقد أو حملة تشهيرية أو حتى عتب!! والملفت أنه عندما تعين امرأة ينبش بعضهم أو كثر منهم كل تاريخها، يبحثون فى الملفات القديمة ويعسعسوا تحت الحجر بحثا عن فضيحة أو حادثة قد تكون بسيطة فى حينها، وما يلبثوا وأن يبهروها فتصبح «فضيحة».. ويبقى الرجال، الذكور جدا، يتفرجون وهم يخفون ابتسامتهم الساخرة أو ربما لأنهم يعرفون أنهم «محصنون» أو فوق الرقابة والنقد، فقط لكونهم خلقوا ذكورا لا إناثا فى مجتمعات كلها لا تزال تنظر للمرأة على أنها مخلوق أدنى ربما، مستندين إلى بعض الأدلة الدينية ربما! حتى إذا كان القائل غير متدين أو ليس من هذا الدين أو ذاك!
***
على كل النساء أن يتقبلن أنهن يدفعن أثمانا باهظة رغم أنهن يجملون المراكز والحكومات والمناصب وما بينها! فقد تكون صاحبة المركز حاملة لشهادات وخبرة فى مجالها أكثر من كل فريق الرجال معها، ومع ذلك تبقى هى تحت مجهر بعض المجتمع المتخلف وكثير من المندسين والمغرضين وأصحاب الأجندات الذين يرون أن المرأة هى أضعف الحلقات فلم لا يتم رجمها كما الشياطين؟! وهذا لا يعنى أن كل النساء الحاصلات على مناصب قيادية هن من الكفاءات والخبرات العالية والمهمة فى مجالاتهن، أبدا، بل على العكس كثيرات يصلن كما يصل الرجال ببعض المسايرة وبعض التنازل وبعض المجاملة وبعض النفاق ربما وكثير من محاولة تقليد الذكور حتى الفاشلين منهم!! رغم ذلك يبقى السؤال الحائر «لماذا لا يُنتقد الرجال كما النساء؟» ولماذا لا تفتح الملفات لهم رغم أن كثيرا منهم من «أصحاب السوابق!» نجد مسئولا هنا لا يتقن لغته الأم، وآخر هناك لا يعرف الفرق بين التنمية والنمو، وثالث لديه رصيد فى المحاكم بمثل رصيده فى البنوك السويسرية دون طرح ذاك السؤال الأبله «من أين لك هذا؟».
***
التجمل بالنساء ليس حكرا على مجتمع دون آخر أو بلد جنوبى دون شمالى، بل هو مرض منتشر تعلموه ربما الجنوبيون من بعض من يسمون أنفسهم بالدول المتقدمة أو الصناعية أو دول الشمال، سمها ما شئت فكلهم يتجملون بالنساء حتى أعرق الشعوب - التى ناضلت من أجل حقوق المرأة ومساواتها - هى الأخرى تستغل بعض الوجوه النسائية لتنشر صورة ليست دقيقة عن تقديرهم للنساء فى حياتهن الخاصة والعامة.