الخليج ــ الإمارات
تطابقت القراءات فى اعتبار عملية الخطف التى تعرض لها رئيس الوزراء الليبى على زيدان بأنها حادثة لا تحصل حتى فى أكثر الدول فشلاً، وأنها جاءت لتؤكد أن هذا البلد أخذ طريقه إلى المجهول، بغض النظر عن التطمينات الكثيرة والتهوين لشناعة الجرائم التى تحصل من دون رادع أو سقف. على زيدان الذى ظهر مخطوفاً فى صور مهينة لا تليق برئيس وزراء كان قبل أيام فى الأمم المتحدة، أكد أن ما حصل له كان محاولة انقلاب على الشرعية وعملاً إرهابياً، ولكنه لم يقل إن كان سيأمر بملاحقة خاطفيه الذين ظهروا حوله مكشوفى الوجوه وسحبوه من فندق «كورنثيا» فى قوة من أكثر من 100 سيارة مشحونة بالسلاح والمقاتلين، وقال إن هذه القوة لها قيادة سياسية فى المؤتمر الوطنى العام (البرلمان)، الذى يعيش بدوره حالة خطف متواصلة منذ أن بدأ أعماله قبل أكثر من عام، وإلى الآن لم تتضح مهمته ولا مدتها، ولم يوفق فى خلق مصالحة وطنية أو فى مجابهة الميليشيات أو دعم الحكومة المؤقتة.
حادثة خطف زيدان فضحت الكثير من الحقائق التى لا يريد كثيرون كشفها صوناً لسمعة الثورة التى صُوّرت على أنها هبّة شعبية ستجلب الديمقراطية والرخاء وتبنى دولة قانون ومؤسسات، ولكن المسار المزدحم بالأحداث والعنف منذ الإطاحة بالنظام السابق أوضح أن ليبيا كلها مخطوفة ويراد لها أن تظل رهينة فى أيدى قوى لا مشروع لها غير الخراب والجريمة والإرهاب، وتريد أن تقطع أى صلة لها بالعالم المعاصر أو المستقبل. والدليل على هذا الادعاء الاغتيالات المتكررة والخطف لكل من له صلة ببناء الدولة أو العلاقات بالعالم الخارجى. وتؤكد عمليات استهداف السفارات والبعثات الأجنبية وآخرها القنصلية السويدية فى بنغازى، أن هناك قوى متطرفة تبنى مشروعاً ظلامياً يخطف تطلعات الليبيين ويصادر أحلامهم غصباً وبقوة البلطجة والسلاح. والمؤسف أن هذا المشروع يتم باسم «الثورة»، وتعلم الحكومة الليبية والمؤتمر الوطنى جيداً هذه الحقائق، لكنها لا تستطيع أن تفصح عنها لضعفها أولاً، وثانياً لخشيتها من رد الفعل الذى يصل إلى القتل وفى أحسن الحالات إلى الاحتجاز لساعات.
مفتاح شعيب