الشرق الأوسط
الثورات العربية لم تخلخل أنظمة عربية جثمت على قلوب شعوبها عشرات السنين فقط، وإنما أربكت التيارين الليبرالى والإسلامى فى مواقفهما، وقد قدمت «الليبرالى» قبل «الإسلامى» لأن الليبرالية هى التى ارتبكت بصورة أشد لسبب بسيط، وهو أن منافسيها من الإسلاميين حصدوا من ثمار الثورات العربية غلة أكبر، وهى نتيجة منطقية عطفا على تجذر تيارات الإسلام السياسى فى الشارع العربى مقارنة بالتيار الليبرالى.
ليس التنافس بين التيارين الإسلامى والليبرالى بدعا من التنافس بين التيارات المحافظة والليبرالية فى الدول الغربية، الفرق أن التنافس بين التيارين فى العالم العربى غلب عليه «الخصومة الشديدة» فأفقدته التوازن فى تقويم الموقف، الذى وصل فى الساحة المصرية لدرجة الهلع كلما لمح النظام المصرى إلى فتح صفحة المصالحة التى تشمل جميع أطياف المجتمع ولا تستثنى أحدا.
ولأن «الخصومة الشديدة» هى سيدة الموقف، فقد غابت «الروح المنصفة» للتيار الليبرالى المصرى فى تقييمه للتيار الإسلامى وهو فى السلطة أو فى المعارضة إلا ما ندر من المواقف المتوازنة، بحيث لو جمعت عينة كبيرة من الكتابات والتحليلات واللقاءات والمقابلات فى القنوات الفضائية والصحف، فلن تجد إلا صورة قاتمة ليست فيها بقعة بيضاء، ناهيك عن المبالغة فى تضخيم بعض الأخطاء والإشاحة بالوجه عن بعض الإيجابيات أو التسليم بالدعاوى قبل التثبت منها. الكل يتفهم أن يكون النقد أكثر شدة عندما يكون خصومهم فى السلطة، فالمعارضة، أى معارضة فى الدنيا، تنزع إلى التقاط الأخطاء وتصيد التجاوزات، لكن أن يكون كثير من خصومهم تحت الملاحقات وفضائياتهم مغلقة، ثم يتواصل النقد الشديد ضدهم فهو الوضع غير الطبيعى.
حمد الماجد