**
تشرفت بالمشاركة فى حملة «أخلاقنا».. فحضرت الاجتماع الأول وسط جمع غفير. وتنوع هذا الجمع ليمثل كل أطياف المجتمع تقريبا.
والهدف من المبادرة عودة الأخلاق التى ذهبت. وهى فى ظنى سافرت، فالذهاب يكون إلى مكان قريب، بينما السفر بعيد. وبدون أخلاق لا تنهض الدول. فأساس الأخلاق هو الضمير.. فالضمير بالفطرة يعرف الصواب والخطأ. وإن غاب الضمير وغابت الفطرة، فإن البديل هو القدوة وإعلاء القيم فى المجتمع.. كما أن الضمير يعنى أن تؤدى عملك بإخلاص وبدقة وبأقصى طاقة فى كل لحظة. وأن يكون ذلك هو المعيار؟ ومن أسف أن بعض الناس يرون أن مجرد ذهابهم إلى مكاتبهم عمل. وبعضهم يرى أن هذا الذهاب المجرد يستحق عليه الأجر والثواب والترقية والمكافآت.. فكيف تنهض أمة بدون عمل وجهد وبذل أقصى الطاقات وكيف تعود أخلاق بدون ضمير؟!
**
نحن فى مرحلة صخب شديد، والاتهامات المتناثرة والمتبادلة، والفوضى المكررة التى تشتت الذهن وتهدد الأمة والشعب. وقبل السؤال أين سافرت الأخلاق، وهل يمكن استعادتها بالوعظ والإرشاد، لابد من إيقاف هذا السيل من الانحطاط والانهيار الأخلاقى، حيث يسمح لمن يريد أن يقول ما يريد. رافعا راية «حرية الرأى» و«حرية النقد». و«حرية الفن» و»حرية التعبير».. فأى حرية تلك التى تبدأ وتنتهى بالسب والقذف، وأى حرية تلك التى تطرح لنا الأفكار المريضة وتقدم لنا البرامج الرخيصة، تحت دعوى رسالة الفن..؟
**
قبل أن تسألوا أين ذهبت الأخلاق، وقبل البكاء على الأخلاق التى سافرت، أوقفوا هذا العبث الذى يغذى الانهيار والانحطاط، الذى تجاوز كل الخطوط الحمراء على الرغم من أننا فى عصر يلوك فيه الكثيرمن الناس جملة: «هذا خط أحمر غير مسموح بتجاوزه» وفى النهاية يبدو لى أن الخط الأحمر يرسم على تراب الأرض كى يتخطاه من يريد ومن يستطيع ومن يملك الوسيلة ؟!
**
ماذا فعل المجتمع والرأى العام وأصحاب العقول الكبيرة، وهم يرون السباب والشتائم القذرة والسخرية والعنصرية الفجة تحت ستار الحرية وسقفها المتسع؟
**
فى الاجتماع الأول لحملة «أخلاقنا» لاحقت عدسات الكاميرات الحضور، بحثا عن تصريح ورأى فى المبادرة. وقد سئلت أولا عن مباراة الأهلى والزمالك. فالاجتماع كان قبل القمة.. ثم سئلت ثانيا عن : «أخلاقنا» كيف تعود؟
**
كانت الإجابة واضحة وقاطعة: «الأخلاق لا تعود بالوعظ والخطب . والأخلاق فى أزمنة انهيارها تعود بالقانون والعدل والمساواة. ولن تعود بالاستثناءات التى جعلت مجتمعنا استثنائيا. ولن تعود الأخلاق فى ظل سحب وغيوم الوساطات. الحل هو القانون وتطبيقه بمنتهى الحسم والعدل على من يخالفه بأى صورة من الصور. فعندما يرى الناس خروجا يوميا على القانون بشتى الصور دون حساب، يصبح حال المجتمع أسوأ من السوء، ويتحول إلى غابة تنهش فيها الحقوق، ويكون الحل هو انتزاع الحق بالقوة، ويكون الحق للقوة، ويكون الصوت الأعلى أقوى من النظام ومن الأخلاق.. وقد ظلت أوروبا تعانى من عصور الظلام حتى القرن الثامن عشر. كان كل شبر فى القارة يحارب الآخر.. ولم ينصلح حال المجتمعات الأوروبية سوى بالقانون والعدل والمساواة..!
**
أسأل الله أن تعود الأخلاق التى سافرت.. فلا نملك إلا الدعاء !