نحو مواجهة تجاوزات رجال الشرطة - قضايا مجتمعية - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحو مواجهة تجاوزات رجال الشرطة

نشر فى : الأربعاء 18 مايو 2016 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 مايو 2016 - 9:58 ص

نشر موقع Salon مقالا للكاتب «مالكوم سبارو» – أستاذ الإدارة العامة، عن استخدام رجال الشرطة بالولايات المتحدة الأمريكية للقوة المفرطة. ويبرز «سبارو» خلال المقال العنف المستخدم من قِبل الشرطة بالتطرق إلى حادثة قتل وقعت بإحدى ولايات أمريكا «ساوث كارولينا» والتى انتهت بوفاة أحد المواطنين العُزَل على يد رجل شرطة أثناء كشفه على سيارته.

ويوضح أن هذه الأعمال متكررة وبشدة بالولايات المتحدة ولكن ليس كل هذه القضايا يتم نشرها وإعلام الرأى العام بها، فضلا عن غياب الإحصاءات الرسمية التى توضح بدقة العدد الحقيقى لمثل هذه العمليات التى يتورط بها رجال الشرطة سواء بإطلاق النار على المواطنين غير المسلحين أو تعذيبهم بالسجون وأقسام الشرطة!

يبدأ الكاتب «مالكوم سبارو» مقاله بالإشارة إلى حادثة قتل ضابط شرطة لأحد المواطنين العُزِل والتى وقعت فى ولاية ساوث كارولينا الامريكية 4 أبريل 2015. فقد أكدت السلطات العامة، قيام ضابط الشرطة «مايكل سلاجر» بقتل رجل أسود أعزل يُدعى «والتر سكوت»، بسبب تهشم مصباح سيارته الخلفى وذلك أثناء الكشف على سيارته، لتنشب مشاجرة بين الرجلين أطلق على إثرها «سلاجر» عدة أعيرة نارية على «سكوت» الذى حاول الفرار، ولكن الأمر انتهى بمقتله فى مكان الحادث.

وأظهر فيديو قام بتسجيله أحد المارة وشاهد العيان على الواقعة أن «سلاجر» قام بإطلاق ثمانى رصاصات خمس منها أصابت «سكوت» فى الظهر وذلك حتى قضى نحبه فى مكان الحادث.

يعلم الجميع المشكلة الأزلية المتعلقة باستخدام الشرطة القوة المفرطة وكيف أنها مستمرة، بل ودائما ما يتم التستر على هذه الأفعال العنيفة، ولا يعرف بها إلا عند تسريب مثل هذه الفيديوهات لرجال شرطة يقومون بتعذيب مواطنين، والتى تؤكد تلك الحقيقة. ولا يتم نشر تلك الفيديوهات بشكل مستمر، بسبب الخوف من انتقام وتهديدات الشرطة، وبالتالى كثيرا ما تظهر هذه الفيديوهات للرأى العام متأخرة، وهو ما يُعطى الشرطة وقتا كافيا لتحضير أقوالهم وربما أيضا أدلة براءتهم قبل إعلام الرأى العام بوجود قضية من الأساس.

لكن ما حدث فى قضية «سكوت» أن الفيديو أصبح متاحا للسلطات بعد يومين من وقوع الحادث؛ وذلك بسبب خوف «فيدين سانتانا» (شاهد العيان) من نشر الفيديو حتى لا يتعقبه أحد ولكنه غضِب عندما سَمِع عن ملابسات الواقعة وقرر التخلى عن خوفه ونشر الفيديو إلى الإعلام وعائلة «سكوت».

***

يذكر «سبارو» أنه عند التحقيق مع «سلاجر» فى أول أقواله بعد القبض عليه حول الواقعة وقبل علمه بوجود فيديو من الأساس، أنكر ما حدث تماما وأكد أن «سكوت» قام بضربه بشدة ولكن «سكوت» أخذ الصاعق الكهربائى الخاص به –وهذا ما نفاه شاهد العيان «سانتانا»، مما دفعه إلى إطلاق النار دفاعا عن نفسه عند شعوره أن حياته فى خطر.

لا شك أن بدون ذلك الفيديو، كان من الممكن إغلاق القضية دون عقاب لضابط الشرطة، حيث أوضح كيف قام الشرطى بإطلاق النار عدة مرات على الضحية، وبعدها بساعات معدودة من نشر الفيديو تم ضبط وإحضار الضابط واتهامه بالقتل.

يوضح الكاتب أنه ليس كل القضايا التى يتورط بها رجال الشرطة كقضية «سكوت» يتم تسجيلها فيديو بل ويتم نشر ذلك الفيديو إلى الإعلام والرأى العام ككل، ويتساءل عن مصير تلك القضايا التى تتم دون وجود أى تسجيل أو أدلة لها. فمن الذى سيُخبرنا بوقوع قضايا مماثلة لمقتل «سكوت»! ويتعجب «سبارو» من الدوافع التى تجعل الشرطة تُصدِر أوامرها بإطلاق النار على الأشخاص غير المسلحين، فلا يوجد أى مبرر لأن تُطلِق النار على شخص أعزل على الإطلاق. هناك قدر كبير من الغموض والكذب الذى يتم من أجل إخفاء ممارسات الشرطة القمعية وتستر البعض من رجال الشرطة على زملائهم ممن يتورطون فى مثل هذه الأعمال. ويقول كيف يمكن الوثوق فيما يُتداول عن مثل هذه القضايا، فهل سيتعامل الضباط وهم يحققون مع زملائهم بنزاهة وهل سيُخبِرون الجميع بكل شفافية عن ملابسات الواقعة!

يتساءل الكاتب عن عدد الحالات التى يطلق فيها ضباط الشرطة النيران على أشخاص غير مسلحين كل عام، ثم يقومون بالادعاء بأن إطلاقهم للنار كان بسبب إما شعورهم أن حياتهم فى خطر، أو أن المجنى عليهم قاموا بضربهم أو نزع شىء منهم يمكن أن يؤذونهم به، وغيرها من الادعاءات التى لا يمكن معرفة مدى صحتها فى ظل أدلة الطب الشرعى المتناقضة وعدم وجود أدلة أو شهود أو تسجيل للواقعة. وغالبا ما يتم إغلاق هذه القضايا وتصنيفها على أنها قتل مبرر! حقيقة الأمر لا يعلم الكاتب كم مرة شهدت الولايات المتحدة مثل هذه الحوادث؛ فالولايات المتحدة لا تقوم بعمل أى إحصاءات تتعلق بالعمليات التى يتورط بها ضباط الشرطة بإطلاق النار أو عدد من تنتهى حياتهم داخل أقسام الشرطة أثناء الحبس! فلا توجد أية إحصاءات رسمية موثوق بها توضح عدد هذه العمليات. وتجدر الإشارة هنا إلى وجود قاعدة بيانات لمثل هذه الحوادث ولكنها تتم بشكل تطوعى مما يُبعِدها عن الدقة والرسمية ويُبقى الصورة غير مكتملة.

يتساءل من جديد «سبارو» ولكن هذه المرة عن السبب الذى جعل الولايات المتحدة لا تقوم بإحصاءات معتمدة حول عدد المدنيين الذين يتم قتلهم من قبل الشرطة. ويرجع ذلك ربما لصعوبة تصنيف هذه الحوادث ومعرفة الفاعل الحقيقى، فضلا عن التكاليف والصعوبات المتعلقة بجمع مثل هذه البيانات. ولكن ثمة تناقض يشير إليه الكاتب يتعلق بقيام الحكومة الأمريكية بإصدار تقرير سنوى بشأن جرائم السطو والسرقات والاعتداءات الجنسية، مستنكرا عدم قيام الحكومة بفعل الشىء ذاته عندما يتعلق الأمر بقيام أحد الضباط بإطلاق النار على أحد المواطنين.

***

وأخيرا فى محاولة لسد العجز فيما يخص الإحصاءات المتعلقة بقيام الضباط بإطلاق النار على المواطنين، قامت صحيفة «واشنطن بوست» بعمل قاعدة بيانات حول هذه القضايا، وذلك بتسجيل جميع الحوادث التى يتورط بها رجال الشرطة بإطلاق النار على المواطنين بشرط أن تكون أدت هذه الطلقات إلى الموت وأن تكون وقعت عام 2015. وقد أعلنت فى 24 ديسمبر 2015 عن نتائج إحصاءاتها والتى أشارت إلى أن 956 مواطنا تم قتلهم بإطلاق النار من قِبل الشرطة، أى بمعدل 2.7 شخص كل يوم! وقد أجرت صحيفة الجارديان، مسحا مماثلا لمعرفة عدد من تتورط الشرطة بقتلهم، ووصلت إلى 1134 شخصا تم قتلهم خلال 2015، وجاءت إحصاءاتها على نحو أكثر تفصيلا؛ فأكدت أن عدد القتلى من السود يفوق عدد القتلى من البيض، كما توصلت إلى أن 25% ممن تم قتلهم من الأمريكيين ذوى الأصول الأفريقية لم يكونوا مسلحين، فى حين وصل عدد القتلى من البيض غير المسلحين إلى 17%!

قضايا مجتمعية قضايا مجتمعية
التعليقات