محاكمة ثروت عكاشة - سيد محمود - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محاكمة ثروت عكاشة

نشر فى : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:55 م

دعانى الصديق العزيز عماد الدين حسين لكتابة مقال أسبوعى فى صحيفة «الشروق» وحمسنى لتناول موضوع كنت قد تطرقت إليه عبر صفحتى الشخصية على «فيس بوك» ويتعلق بدور الراحل الكبير د. ثروت عكاشة فى الثقافة المصرية.
وكشفت التعليقات التى تلقيتها عن الحاجة لمراجعة هذا الدور فى ظل المناقشات الدائرة فى الوقت الراهن حول سياسات وزارة الثقافة وتغرى بالمقارنة بين ماضى الوزارة وحاضرها، فضلا عما تثيره مناسبة الاحتفال بمرور 65 عاما على ثورة يوليو من تساؤلات يندر أن تقترح حوارا حول «المسألة الثقافية» والثورة.
وزاد من حماسى لدعوة رئيس التحرير أن العدد الجديد من مجلة «أحوال مصرية» مخصص بأكمله لموضوع السياسات الثقافية، وبعض مواده مست تجربة ثروت عكاشة دون تقييمها.
وفى أرشيفى مقال كتبته عند وفاة الرجل (فبراير 2012 ) طرحت فيه سؤالا هو: إلى مدى ساهم الراحل فى «تأميم» الثقافة المصرية لمصلحة النظام الناصرى الذى لم يكن بمنأى عن شبهة الاستبداد، على الرغم من الإنجازات الوطنية التى حقّقها؟.
وتساءلت: كيف أدّى توسّع الدولة فى «تأميم الثقافة» إلى إهمال تام لمؤسسات المجتمع الأهلى التى كانت قد نهضت بعبء إنتاج ورعاية الثقافة والفنون فى مصر قبل 1952، وهى المرحلة التى أفرزت عقولا بحجم لطفى السيد والعقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وصولا لنجيب محفوظ، ولويس عوض وحسين فوزى وفؤاد زكريا ومحمود العالم.
وعلى الرغم من إغراء السؤال فإنه من الصعب تقديم إجابة نهائية سيما أن التعليقات التى وصلتنى انقسمت بين فريقين، الأول: قاده المترجم السورى البارز بدر الدين عرودكى ورأى أن ثروت عكاشة هو «وزير الثقافة الأفضل فى تاريخنا» وتبنى الفريق الثانى تصورا مضادا رأى فى الرجل الأب المؤسس لفكرة «الثقافة الموجهة» بسلبياتها التى تزكى الطابع التعبوى أكثر من التنموى وعبرت عن هذا الفريق الكاتبة فاطمة المعدول ومعها د. عماد أبو غازى وزير الثقافة السابق الذى انتصر فى نقاشه لِحِسِّ المؤرخ داعيا لقراءة التجربة فى سياقها التاريخى.
وهنا عدت مجددا للنظر فى تجربة عكاشة اعتمادا على مذكراته التى أصدرتها دار الشروق قبل سنوات وعلى نقاشات ثرية شملتها ندوة نشرتها دار المستقبل العربى عن ثورة يوليو فى العام 1986 ولخص عكاشة فيها تجربته فى الوزارة التى تولاها فى ثلاث فترات (الأولى من نوفمبر 58 وحتى سبتمبر 1962 والثانية من سبتمبر 1962 وحتى سبتمبر 1966 والثالثة من سبتمبر 66 وحتى نوفمبر 1970).
والراغب فى تقييم تجربة عكاشة الذى وصفه رجاء النقاش بأنه رجل له «صوت وضوء» يصعب عليه عزلها عن «كتالوج» دولة يوليو 1952 وأولوياتها الوطنية وهو فيها متهم من النخبة بتأسيس الخط الذى توسّع فيه لاحقا وزير الثقافة السابق فاروق حسنى عبر «استقطاب المثقفين» واستعمالهم.
وفى مذكراته يعدد عكاشة الأسماء التى تعاون معها لقيادة مؤسسات وزارته وتطويرها وكلها لقامات كبيرة اتهم بالتخلى عنها فيما بعد استجابة لسطوة الأجهزة الأمنية التى حسمت تناقضات يوليو لصالحها وأهدرت التجربة كلها.
ما يدفع لطرح سؤال عن حدود تعاون المثقف مع الدولة وشروطه ومداه!
وأحسب أن الإجابة بحاجة لوقفة أخرى فى الأسبوع المقبل نعود فيها لبرنامج عمل ثروت عكاشة لعله يعين الآن على إصلاح ما أفسده الدهر.