دردشة البشرية الإلكترونية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دردشة البشرية الإلكترونية

نشر فى : الجمعة 18 أغسطس 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 18 أغسطس 2017 - 9:50 م

نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالًا للكاتب «محمد عاطف» المستشار فى العلوم والتكنولوجيا ذكر فيه أنه إذا كان صحيحًا ما تدعيه إيران والصين عن تجسس المخابرات الأميركية على اتصالات الناس الإلكترونية حول العالم، وهو صحيح، فالشياطين فى عونها، وهو صحيح أيضًا، وإلا ماذا نسمى العلاقة الراهنة بين «سى آى آى» و«البيت الأبيض»؟ وكيف أفلحت روسيا فى استخدام الاتصالات الإلكترونية لتغيير نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية؟ وإذا كان صحيحا أن مليارات الناس يتبادلون مجانا رسائل مكتوبة، ومصورة، وملفات صوتية، ومكالمات هاتفية، وهو صحيح، فهل حلت الثورة التكنولوجية التى تغير العالم، حسب الفيلسوف ماركس؟ وهل شهد التاريخ من قبل شبكة إلكترونية مثل «الإنترنت»، تربط أجهزة كومبيوتر وهواتف مليارات البشر حول الكرة الأرضية؟
لقد تابع الكاتب منذ ثمانينيات القرن الماضى، كمحرر للعلوم والتكنولوجيا، العلماء والمهندسين الذى يطورون استخدامات الإنترنت داخل مختبراتهم قبل أن تسمى «الإنترنت» وتصبح سلعة فى الأسواق، وفى 4 يونيو 1993 ذكرت «الإنترنت» أول مرة بالاسم فى تقرير من واشنطن، امتد عنوانه على الصفحة «ثورة تكنولوجيا الشبكات الكومبيوترية تطرق أبواب العالم العربى»، وعرضت فيه لأول مرة «شيفرة» أو رموز اتصالات الدول العربية عبر «الإنترنت»، وتضمن التقرير أحاديث مع علماء عرب وأميركيين يعملون فيها، بينهم «غولدستاين» فى «المؤسسة القومية للعلوم» الذى يتابع النقل الفورى لمشاهد من أعماق الخليج العربى، وعالمة فيزياء الفضاء المصرية مهى عاشور، أستاذة جامعة «لوس أنجلوس» التى تعقد جلسات عبر «الإنترنت» مع علماء يرصدون مثلها «الشفق القطبى» فى طوكيو، ولندن، وباريس، وموسكو، وبكين، وعالم التكنولوجيا الحيوية العراقى مأمون الأوقاتى، الذى يصدر دليلا خاصا بالنشرات والمناهج الطبية الكومبيوترية فى لندن، تلغى الوقت الضائع بين إعداد العلماء بحوثهم ونشرها، والذى قد يستغرق سنة.
والآن يستخدم أكثر من مليارى شخص «فيسبوك»، يبثون عبرها مجانا مليارى رسالة شخصية أو للأعمال شهريا، ومجانا يستخدمون «إنستجرام» لتبادل الصور والفيديوهات، و«سنابتشات» للتراسل متعدد الوسائط، و«يوتيوب» لتبادل المشاهد والأفلام السينمائية، والمدهش «واتساب» الذى ابتكره مبرمجان عام 2009 رفضت تشغيلهما «فيسبوك» وعادت لتشترى ابتكارهما عام 2014 لقاء 19 مليار دولار. وعدد مستخدمى «واتساب» مليار و250 مليون شخص، ويستعمله يوميا 50 مليون شخص للتراسل الفورى، وتبادل الرسائل المسموعة والمصورة.
و«واتساب» أداة مثالية للاتصال بين الجماعات السياسية والعائلية والبحثية. «الزبدة» على سبيل المثال أنشأها «سلام مسافر» مقدم البرنامج المشهور «قصارى القول» فى الفضائية الروسية «آرتى»، وفيها تدرك لماذا «واتساب» تنافس الإعلام التقليدى، فـ«الزبدة» بمثابة ناد للنقاش والدردشة دون قيود، ولا حقوق نشر على وثائق تستقيها من عشرات المصادر، وهى مختبر إعلامى وسياسى يطور تيارا سجاليا عراقيا وطنيا وعروبيا رفيع المستوى.
وأقرب ترجمة لكلمة «واتساب» بالعراقى «شكو ماكو»، وباللبنانى «شو فيه ما فيه»، وأتابع بشوق «واتس آب» عائلى عراقى تديره «ياسمين»، عمرها 15، لا توجه ولا تنتقد أحدا، لأن كل أعضاء «واتساب» أكبر سنا منها، ولأنها حسب اعتقادى تتسلى بسجالاتهم، وخصوماتهم التى تشكل ملحمة حية لعائلة عراقية فى الشتات، تشد عزائم بعضها بعضا على مدى الساعة بالدعوات، والنصائح والمشاهدات والطبخات، وتقدم طبيبات فى العائلة متقاعدات الإسعاف الفورى عبر القارات، ويتم النقل المباشر لسهرات عائلية، ومناسبات ثقافية، كأمسية الروائى العراقى «سنان أنطون» فى باريس.
ويوم العائلة يبدأ آخر الليل فى كندا، ويصادف الفجر أو أول النهار فى المغرب والأردن وبريطانيا وفرنسا والسويد، وكلها مواقع أفراد عائلة عراقية معجزة فى الحب والتكاتف والمشادات والمرح، ونكات كهذه من المهندس حيدر عبدالرزاق، المتزوج من عراقية كندية لا تعرف العربية. «سأل أحدهم حكيما: كيف أعرف عيوبي؟»، قال: «أخبر زوجتك بأحد عيوبها، وسوف تخبرك بكل عيوبك، وعيوب أهلك وأصحابك، وجيرانك، وسكان الدول المجاورة».

الاتحاد ــ الإمارات

التعليقات