توالت أسئلة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمحافظ القاهرة اللواء خالد عبدالعال الذى وقف صامتا، ولم يستطع الرد عليها، وبعضها يعد بديهيات، لا يتصور أن يكون محافظا دون أن يكون ملما بها. لا أعرف سبب صمت المحافظ الذى بدا أمام الملايين لم يذاكر دروس عمله جيدا أمام الرئيس الذى يمتلك معلومات، واجابات عن أسئلة تخص أدق تفاصيل مفردات العمل فى محافظة، أيا كان اتساعها وأهميتها، من محافظات القطر المصرى.
لا أريد أن أجلد محافظ القاهرة بالنقد مثلما فعلت بعض الأقلام، وامتدت وصلات السخرية على وسائل التواصل الاجتماعى، ووصل الأمر بأحد المحامين إلى تحريك دعوى قضائية. هذا الأمر ليس دفاعا عن محافظ لم ألتقِ به من قبل، ولكنه تجاوزا لموقف قتل تشريحا، ونقدا، وتقريعا، وحان الوقت كى نفكر فى الأمر من منظور مختلف.
المسئول التنفيذى على المستوى المحلى ينبغى أن يعرف تفاصيل لا يدركها وزير أو مسئول على المستوى القومى. المحليات تعنى التفاصيل، وأيا كان اتساع الرقعة الجغرافية للكيان المحلى ينبغى أن يكون المسئول عنه واعيا بالمعلومات الأساسية، لأن ذلك يُعد مقدمة لوضع سياسات وبرامج للمستقبل، إذ كيف توضع خطة دون معلومات؟ ولا يعنى الاكتفاء بأن تكون المعلومات فى الملفات، ولكن أيضا فى اذهان المخطط حتى يستطيع أن يترجمها فى خطط وسياسات. ينقلنا ذلك إلى نقطة أخرى. أن المسئول على المستوى المحلى لا يعرف فقط معلومات عامة، ولكن يعرف تفاصيل معلومات مما يمكنه من الإفادة من تجميع خيوطها معا. يعرف قدرات المجتمع بأسره من قطاع خاص، إلى مجتمع مدنى.. حجم الجهود الأهلية، ومقدار الموارد المتوفرة من مصادر حكومية، ويحاول تعظيم الإفادة منها، وتوظيفها ــ بوصفها موارد محدودة ــ فى تلبية الاحتياجات. النقطة الثالثة أن المسئول المحلى عندما يعرف معلومات تفصيلية يدرك حجم المشكلات، فلا نناقش إشكاليات مبهمة، ولكن قضايا معروف أسبابها، وحجمها بدقة، مما يساعد على طرح الحلول المناسبة لها.
قد يكون الموقف استدعى أن يقف محافظ القاهرة فى حيرة من أمره، عاجزا عن الاجابة عن الأسئلة التى طرحت، ولكنى أظن أنه ليس وحده، بل قد يكون هناك محافظون آخرون يجهلون الشئون الأساسية فى المحافظات التى يتولون أمرها، نفس الموقف بالنسبة لرؤساء هيئات عامة، أو حتى جهات حكومية مهمة ينبغى أن تكون لديها خريطة معلومات واضحة. ربما لهذا السبب، وأسباب أخرى بالطبع، لا نجد اتساقا فى المعلومات العامة، واختلافا فى التقديرات بين الجهات الحكومية نفسها، ناهيك عن المنابر غير الحكومية، وعدم القدرة على الوصول إلى أرقام واضحة بشأن ظواهر محددة.
من هنا فإننى أرى أن الموضوع أكبر من عجز محافظ القاهرة عن الاجابة عن أسئلة تخص عمله، لكن الأمر فى الأساس يتعلق بأهمية المعلومة، والقدرة على وضع المعلومات بشكل علمى يمكن الإفادة منها، والبناء عليها، ووضع خطط واضحة للتعامل معها، بدلا من الاكتفاء بالتخمينات، أو الحديث العام الفضفاض الذى يخلو من تحديد معلومة.