حوار المبادرات - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:20 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حوار المبادرات

نشر فى : الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 11:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 11:45 م

دعا الصديق المفكر يوسف الحسن فى مقال له فى «الشروق» أمس إلى تأسيس «مؤسسات ومنابر حوارية مشتركة» تحتضن مبادرات الشباب فى الحوار الإسلامى المسيحى، تتيح للمشاركين التعرف إلى الآخر، بعيدا عن الشكوك والهواجس المتبادلة، والتزام مبدأ الإنصاف، وإتاحة الفرصة لمراجعة الصور النمطية المشوهة عن الآخر، وبناء الثقة وإقامة علاقات صداقة ومودة على أساس من مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية.
الدعوة مهمة فى توقيتها، خاصة بعد انكماش المساحات الحوارية فى حياة الشباب بعد أفول نجم عدد من منتديات الحوار الإسلامى المسيحى فى المنطقة العربية خاصة فى أعقاب الربيع العربى، حيث فقد مفهوم الحوار دلالاته، بعد انتقال الجدل من الفكر إلى الشارع، وظهور اتجاهات سياسية لا تثمن نتائج الحوار من جانب بعض المنابر فى التيار الإسلامى، التى لم تعن بالفكر، وانشغلت بالتنظيم، والتمكين على أرض الواقع.
الآن أصبح مفهوم الحوار ذاته بحاجة إلى مراجعة، ولم يعد ممكنا اللجوء إلى نفس المنهج السابق، أو طرح القضايا ذاتها، أو السباحة فى نفس المياه.
ينبغى – فى تقديرى ــ أن ينطلق الحوارــ أولا ــ من أجندة مختلفة، تبحث عن المبادرات المشتركة، أكثر ما تنشغل بالقضايا الفكرية التى يجرى النقاش حولها فى غرف مغلقة. أهمها التنمية، ومواجهة الفقر، والأنشطة المحلية، حيث يبدو فيها المجتمع طبيعى، يتلاقى فيه المختلفون ثقافيا ودينيا واجتماعيا فى سبيل تحقيق الخير العام.
المسألة الثانية، أنه ينبغى أن يكون هناك مردود للحوار، أو نتائج نلتف حولها، ويكون المؤمنون بالحوار لديهم الرغبة فى الدفاع عنه، وتبشير المجتمع به، ولا يقتصر الأمر على الغرف المغلقة، أو اعتباره مساحة تفاوض أكثر منها حوارا، أو يسوده صور ذهنية مغلقة. نريد حوارا طبيعيا بين مواطنين ليسوا ممثلين لجهات، أو طوائف، أو حاملى رسائل متبادلة من وإلى، نخرج من أسر الصور النمطية التى كانت معوقة للحوار، فلا المسيحيين معبرون عن كنائس، ولا المسلمين معبرون عن تيار إسلامى أو مؤسسات إسلامية. إذا ارتضينا حوارا إنسانيا بين مواطنين حول الخير المشترك ينبغى أن يكون بالفعل بين مواطنين يعبرون عن أنفسهم ومصالحهم، هذا خلاف الحوارات التى تجرى بين مؤسسات أو طوائف أو ما شابه.
وأخيرا، فإن الحوار ينبغى أن يتحول من «مناسبة» إلى «أسلوب حياة»، بمعنى أن يتبنى المثقفون، والبرلمانيون، والإعلاميون رسالة جديدة مفادها أن تتضمن القوانين صيغا تتيح للمواطنين الحوار حول السياسات العامة مثل القضايا المحلية، وضع الميزانيات، إلخ، وهو ما تأخذ به دول أخرى، لا تنشغل كثيرا بالمداولات الفكرية، قدر ما تسمح أن يكون الحوار حالة يعيش فيها المواطنون، أكثر ما يتحدثون عنها.
دعوة الأستاذ يوسف الحسن مهمة، ولا سيما أن الإمارات تشكل نموذجا للتعايش الايجابى بين جماعات مختلفة فى الجنسية والمعتقد والمذهب فى حالة وئام، وقد يكون مفيدا أن تكتمل الصورة بحوار المبادرات على أرض الواقع.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات