الأجندة الوطنية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأجندة الوطنية

نشر فى : الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 9:26 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 9:26 ص

 ليس فى مصلحة مصر ويهدد من فرص التحول الديمقراطى غياب أجندة توافقية للقوى الوطنية تحدد أولويات الأشهر القادمة بجدولها السياسى والانتخابى المزدحم. نعم أصبحت تباينات المواقف والتوجهات واضحة بين القوى الليبرالية وتلك المستلهمة للمرجعية الدينية وستتصاعد حدتها كلما اقتربنا من الانتخابات التشريعية. إلا أننا لا نملك ترف السماح للتباينات هذه بأن ترتب حالة من الاستقطاب والتنافر السياسى تحول دون الالتزام بأجندة وطنية عامة، بجانب الأجندات الحزبية.

نحتاج إلى أجندة وطنية تلزم جميع القوى باحترام مواطنة الحقوق المتساوية لكل المصريات والمصريين وسيادة القانون ومدنية الحياة السياسية وتداول السلطة. لا تحتمل مصر أن تتحول الانتخابات التشريعية القادمة إلى صراع حول هذه المرتكزات الكبرى للديمقراطية، ويتعين على القوى المختلفة الإعلان صراحة عن التزامها بها والكف عن التشكيك فى مدى التزام الآخرين.

نحتاج، بجانب الأجندات والبرامج الحزبية، إلى أجندة وطنية تحدد الخطوط العريضة لإصلاح وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المصرية، وليس فقط الأجهزة الأمنية. خرب استبداد مبارك مؤسسات الدولة وأفقدها الشرعية الشعبية والفاعلية، ولن تتمكن من استعادتهما إلا بإصلاح جذرى يعتمد مبدأ الانتخاب للمناصب التنفيذية بدلا من التعيين ومبدأ الفصل بين السلطات والرقابة المتبادلة بينها.

نحتاج، بجانب التنافس الانتخابى وتباينات الليبراليين والإسلاميين، إلى أجندة وطنية تعالج معضلة العلاقة بين الحكومة المركزية فى العاصمة والمحافظات والمحليات. كرست المركزية الشديدة منذ الخمسينيات الاستبداد، وألغت التعبير الحر عن الإرادة الشعبية وعن مصالح وهموم المواطنين خارج القاهرة، ومدت مبدأ التعيين للمنصب إلى كافة مستويات الحكم والإدارة فى مصر. ليس لنا أن نخرج من هذه المعضلة إلا بالانفتاح على الأفكار المرتبطة باعتماد نمط لا مركزى فى إدارة مصر يعطى للمحافظات ومجالسها والمحليات ومجالسها، بعد اعتماد مبدأ الانتخاب لشغل المواقع المعنية هنا، اختصاصات تشريعية وتنفيذية حقيقية تمكنها من التفاوض مع الحكومة فى العاصمة على أولويات الموازنة ومرتكزات العمل العام وتجعلها محل مساءلة ورقابة مباشرة من المواطنين.

نحتاج أيضا إلى أجندة وطنية تحدد مشاريع التنمية الكبرى التى نريدها لمصر لبناء مجتمع العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادى. المجالات شتى والتحديات عظيمة، من مكافحة الفقر والبطالة والقضاء على الأمية إلى استعادة عافية الاقتصاد المصرى وضبط اختلالاته ورفع مستويات التعليم والبحث العلمى.

لكل هذه الأسباب، أرجوكم دعونا لا نختزل الثورة فى منافسة انتخابية أو صراع حزبى.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات