فى مطارى القاهرة وأسيوط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 29 سبتمبر 2024 2:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مطارى القاهرة وأسيوط

نشر فى : الخميس 19 مايو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الخميس 19 مايو 2016 - 9:50 م

مكتوب علينا أن نعيش فى دائرة شبه مغلقة من الأزمات. فى كل مرة نعتقد اننا «خرجنا من نقرة نتفاجأ بأننا نقع فى دحديرة». آخر الصدمات ما حدث لطائرة «مصر للطيران» التى اختفت صباح امس وهى فى طريقها من باريس إلى  القاهرة. هل ما يحدث مجرد سلسلة من المصادفات، ام ان هناك خيطا عاما يربطها؟.
والى ان نعرف الحقيقة فقد لمست نموذجا قبل حوالى شهر من الآن يشير إلى ان اجراءات الأمن والسلامة تتحسن فى المطارات المصرية إلى حد كبير، وهو ما قد يمهد الطريق لتغيير النظرة السلبية الأجنبية عن مصر.
 كلية التجارة بجامعة اسيوط دعتنى انا ووزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان والشاعر الكبير جمال الشاعر لتحكيم نموذج محاكاة الطلاب للاتحاد الأوروبى فى قضيتى الهجرة غير الشرعية، واحتمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد.
دخلت مطار القاهرة متوجها إلى أسيوط، على طائرة مصر للطيران «عبر صالة الركاب الداخلية». الموظفون على جهاز فحص الأمتعة «الاسكانر» كانوا صارمين للغاية بعد وضع الأمتعة فى الجهاز والتدقيق فيها. كان التفتيش الشخصى دقيقا جدا.
كل راكب كان مطلوبا منه خلع الجاكيت والحذاء والحزام ووضع التليفونات والأجهزة الإلكترونية وكل المتعلقات داخل الجهاز أيضا بما فيها المحفظة الجلدية، وبعد ذلك فحص للراكب عبر أدوات إلكترونية، يعقبها تفتيش ذاتى له، وإعادته مرة واثنتين وثلاث إذا استمر الجهاز فى إصدار الرنين الخاص، أو «التزمير».
بعدها تم عمل «البوردينج» أو وضع الحقائب على الطائرة، وقبل قليل من الصعود إلى الطائرة جرى تطبيق كل الإجراءات السابقة مرة ثانية.
بعض الركاب أبدوا تذمرا من هذه الإجراءات خصوصا بسبب خلع الحذاء أو الحزام، لكن كان هناك ركاب آخرون يقولون لهم ان التعب هنا أفضل من التعرض لأى مكروه وبدلا من الوصول لأسيوط قد نجد أنفسنا فى قبرص أو تركيا كما حدث لطائرة برج العرب الأخيرة.
 دخلنا الطائرة واستغرقت الرحلة 50 دقيقة تقريبا. وفى رحلة العودة فى السابعة والنصف ليلا، كانت الإجراءات مماثلة أو أكثر شدة وانضباطا.
الفحص على أفضل ما يكون، ومرتين أيضا كما حدث فى القاهرة، رغم أن حجم المطار صغير جدا وكذلك الصالة، وبالتالى يمكن للبعض أن يتساءل: لماذا التفتيش مرتين فى هذا المطار الصغير نسبيا؟
الإجابة هى أن من «اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى». بعد أن دخلت صالة المغادرة كنت أراقب أمين الشرطة الذى يفحص الركاب، وبعد أن هدأت الحركة وجدته يفحص أحد العاملين بالمطار أثناء انتقاله للبوابة التى نتواجد فيها.
ذهبت إلى الأمين ــ ذى الوجه البشوش ــ وسألته: لماذ تفتش العاملين؟ فقال: تلك هى التعليمات المفروض أن ننفذها دائما، لكن ومنذ تفجير الطائرة الروسية وبعدها خطف طائرة برج العرب إلى قبرص فإن التعليمات صارت أكثر تشديدا.. العاملون فى المطار يشكون من حكاية تفتيشهم، لأنه غير متعودين على ذلك. علمت أيضا أن وفودا أجنبية كثيرة مرت على المطارات المصرية، بعضها يراقب ما يحدث بالتفصيل، بل ويقوم بتصوير عملية التفتيش بكاميرات الموبايل وربما كاميرات سرية، للتأكد من الجدية، أو يستغلها فى تأجيل عودة السائحين إلى مصر خصوصا إلى شرم الشيخ.
رب ضارة نافعة وبغض النظر عما حدث فى تفجير الطائرة الروسية ومن الذى نفذه، وهل كان هناك جهات أخرى وراء خطف طائرة برج العرب، واخيرا الطائرة القادمة من باريس، وبغض النظر عن الخسارة التى لحقت بالسياحة، فالمؤكد أننا استفدنا أيضا، لأننا بدأنا نأخذ الأمور بجدية، وهو ما كنا نفتقده فى أماكن كثيرة فى مجال السياحة والسفر.
عدم الجدية هى المشكلة الكبرى التى نعانى منها إضافة إلى انعدام الكفاءة المختلطة بـ «الاستعباط والاستهتار والصهينة».
كتبت أكثر من مرة منتقدا ما يحدث فى بعض المطارات من تراخٍ وإهمال. واليوم وإثباتا لحسن النية والموضوعية اشيد بما رأيته فى مطارى القاهرة واسيوط وكل الأمل أن تكون تلك بداية جادة ومستمرة، وليست مجرد «شدة الغربال».

عماد الدين حسين  كاتب صحفي