قرأت له «مائة عام من العزلة» و«خريف البطريرك» و«الحب فى زمن الكوليرا»، وقرأت عن «الواقعية السحرية فى الأدب» التى يعتبر من أبرز روادها منذ سنوات.
فى حلقة نقاش فلسفية وسياسية انضممت لها مع دراسين آخرين للدكتوراه فى برلين (منتصف التسعينيات) كانت أعماله تناقش بانتظام وتقارن بأعمال روائيين غربيين فى بدايات القرن العشرين (أزمة الديمقراطية الكبرى بين الحربين العالميتين)، وبأدب التحرر الوطنى القادم من أيضا من أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، بأدب البحث عن الانعتاق بالحرية الذى صاغه كتاب روس وكتاب من مجتمعات أوروبا الشرقية فى النصف الثانى من القرن العشرين (الكثير منهم كانوا يصنفون كمنشقين وبحثوا عن مواطن للجوء فى الغرب الأوروبى والأمريكى)، وبأعمال أدباء اليسار الملتزم بحقوق الفقراء والمقاوم للإمبريالية الغربية.
حدثنى عنه مطولا بعض الأصدقاء والزملاء الأكاديميين من أمريكا اللاتينية، عن أعماله التى اقترب عدد النسخ المبيعة منها من عدد النسخ المتداولة للكتب المقدسة، عن مقاومته للديكتاتورية وللقمع ولتعقب المفكرين والمثقفين، عن دفاعه عن الفقراء والسكان ذوى الأصول الهندية الذين اضطهدتهم طويلا الأقليات الأوروبية، عن تعاطفه مع اليسار وصداقته لفيديل كاسترو وتشجيعه فى الثمانينيات والتسعينيات للتفاوض بين نظم الحكم اللاتينية ومعارضاتها المسلحة انطلاقا من المزاوجة بين رفض العنف والتحول الديمقراطى، هو بالنسبة لهم رمز خالد للإنسانية وللبحث عن الحرية والحق والعدل، ولتواضع من خبر تقلبات الحياة وأزماتها الخاصة والعامة واعترف بضعف البشر.
لم يغب عن ذاكرتى أبدا وصفه للاستبداد وللديكتاتورية وثقافة الخوف والتملق التى يحدثانها فى المجتمعات البشرية، تعرف الغربان برحيل الديكتاتور والناس يباعد بينهم وبين معرفة الطيور تحولهم إلى قطعان من الخائفين والمتملقين والباحثين عن المصالح الصغيرة ومنزوعى الإنسانية بعد عقود من حكم الفرد وجوقته.
الكتاب والأدباء لا يموتون.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر