قبل يومين فقط كتبت الفنانة التشكيلية أمنية محمد سيد مصطفى مخيمر على صفحتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعى تتساءل عمن بإمكانه أن يتوسط بينها وبين محافظ الجيزة وبالتحديد إدارة المحليات بحى جنوب الجيزة بعد أن أصبحت الهواية الوحيدة لعمال الإدارة إزالة المنحدر أو (الرامب) الذى تستعمله أمنية وهى من ذوى الاحتياجات الخاصة لكى تصل من مدخل بيتها إلى السيارة التى تقلها لعملها فى كلية الفنون الجميلة بالزمالك حيث تعمل معيدة هناك.
ومن المؤلم أن تضطر أمنية، وغيرها من أصحاب الحالات الخاصة للإعلان عن طلب كهذا، يقع فى إطار الحقوق التى تنظمها القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية الخاصة بذوى الهمم، وهو تعبير جميل أحبه، لأنه يرتقى بأوضاع ذوى الحالات الخاصة، ليصبحوا من أصحاب الهمم.
وشخصيا أشكر الظروف التى أتاحت لى التعرف على تجربة أمنية التى تستحق أن تكرم فى أول مناسبة كبيرة، وأنا أرشحها من الآن للقائمين على تنظيم مؤتمر الشباب العالمى عند استئناف دورات انعقاده كرمز من رموز الأمل الجديرة بكل تقدير.
وبالمثل تستحق والدتها العظيمة تقديرا مماثلا، لأنها تصحبها فى كل معرض تشكيلى أو ندوة علمية لترتقى بوعيها وتعينها على استئناف فرص الحياة من جديد.
قبل 2016 كانت أمنية تتمتع بحياة كاملة وتعيش أجمل سنوات عمرها كفنانة تشكيلية شابة لولا تعرضها لحادث سير انتهى بإصابتها بشلل وطوال عام أجرت أكثر من 10 عمليات جراحية لكى تتمكن فقط من استعادة قدرات أطرافها وشاءت إرادة الله أن تستعيد أصابعها القدرة على العمل وعادت إلى الرسم بعد انقطاع وتوالت مشروعاتها الفنية، التى اعتمدت بصورة رئيسية على تأويل تجربتها الذاتية.
وخلال الدورة المنعقدة حاليا من صالون الشباب فازت أمنية بجائزة (الميديا والفيديو آرت) مناصفة مع الفنانتين زينب محمد حبيب وفاطمة الزهراء سامى وليست هى أول جائزة فى مسيرتها.
حولت أمنية تجربة الألم إلى طاقة أمل ومنذ العام 2018 ظهرت صياغتها الأولى لمشروعها حول «زهرة الصبار» إذ اشتغلت على التكوينات النباتية لزهرتى اللوتس والصبار ثم ظهر مشروعها «ندوب» الذى تم تنفيذه فى صالون الشباب 2019 وأعادت فيه صياغة بعض التغييرات الجسمانية التى عاشتها بشكل شخصى.
وتبدو تجربتها «مقامات الصبر الخمسة» واحدة من أكثر تجاربها تأكيدا على السمة الشاعرية حيث صاغت علاقتها مع ما ينتظرها عبر رحلتها فى التعافى وبموازاة غوصها فى قراءات صوفية كاشفة منحتها بعض الطاقة التى قامت بتأويلها بصريا فى خمسة أعمال، استعملت فيها خامات وطرق المعالجة اللونية المختلفة للتدليل على طابع الرحلة واختلاف محطاتها وتأرجحها بين اليأس واستعادة الأمل.
ويبدو مشروعها «عمود فقرى» أكثر تجاربها اكتمالا من حيث القدرة على الصياغة التعبيرية والطبيعة التفاعلية للعمل حيث أظهرت فقرات عمودها الفقرى التى كانت موضع إصابتها جراء الحادث فى صياغات تلفت إلى تكوينها التشكيلى ليصبح تكوينا جماليا مفارقا لفكرة «الألم» ومن المفارقات المثيرة للاهتمام أن أعمال الفنانة المكسيكية الشهيرة فريدا كاهلو التى عانت ألما مشابها ستكون موضوعا لدراسة أمنية للحصول على درجة الماجستير.
لا تحتاج أمنية إلى أى صورة من صور التعاطف لأنها تجاوزت هذه المحطة وصارت تتعامل مع تجربتها بفهم أكبر، لكنها تصر على الحصول على حقها فى العيش فى بيئة تتفهم طبيعة ما تعانيه وتطالب رئيس حى جنوب الجيزة بحقوقها وحقوق الحالات التى تشبه حالتها، وأرجو أن تزول أسباب الشكوى قريبا وتأمل فى تدخل رئيس الحكومة شخصيا.
تقول أمنية فى شكواها التى أنقل نصها: مقدمة لسيادتكم المواطنة/ أمنية محمد سيد مصطفى مخيمر، رقم قومى /29206192100182، عنوان السكن 10 (برج الرضا) شارع البحر الأعظم وتعمل معيدة بكلية الفنون الجميلة – جامعة حلوان – مع العلم أنها من مستخدمى الكرسى المتحرك منذ 5 سنوات إثر إصابتها فى حادث طريق 29 أكتوبر 2016؛ حيث إنها أصبحت من المصابين بالحبل الشوكى ومنذ تلك الحادثة تستخدم الكرسى المتحرك بشكل دائم، وتحتاج لمراعاة وجود رامبات (منحدرات) فى المحيط السكنى الخاص بها وبالأخص فى الرصيف الخاص بالعمارة التى تقطن بها وتطالب بمراعاة عدم هدم المنحدر الخاص بها (فى مدخل العمارة) والذى قامت بتركيبه على نفقتها الخاصة، لكى تتمكن من تجاوز السلالم بكرسيها المتحرك.
ومع الشكوى أرفقت أمنية صورة للرامب (المنحدر) وصورة أخرى من التقرير الطبى الخاص بها ويمكن لرئيس الحكومة أن يتدخل بنفسه ليمكن أمنية من ممارسة حقها فى الحياة.