الأنبا موسى «الأبيض» - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأنبا موسى «الأبيض»

نشر فى : الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 - 9:45 م
عاد الأنبا موسى أسقف الشباب بالكنيسة القبطية بعد رحلة علاج قصيرة إلى المملكة المتحدة، استدعت تركيب بعض الدعامات الدوائية فى قلبه الحنون الذى لم يحتمل الحزن على الزهور التى قطفها الإرهاب فى حادث الكنيسة البطرسية. وعندما تعافى قليلا ذهب إلى أكثر من مكان للصلاة على أرواح شهداء الحادث سواء فى كنائس لندن أو فى مدينة برايتون جنوبا.

لن أتحدث عما يعنيه الأنبا موسى بالنسبة لى، فقد يستغرق الأمر وقتا ومساحة غير متاحة الآن، ولكنى أتحدث عن الأسقف الجميل، ذى القلب النقى، ممتلئ الشخصية، عميق الفكر، الذى يتتبع المجتمع، مسلمين ومسيحيين، أنباء علاجه، ويطلبون من الله أن يعود سليما معافا يستكمل رسالته تجاه الشباب التى بدأها منذ أكثر من أربعين عاما. وقد عاد بالفعل إلى مصر أول أمس.

منذ ثلاثين عاما فى المرحلة الثانوية دعانى صديق إلى حضور عظة للأنبا موسى، الذى سماه مدفوعا بروح دعابة الشباب بالأنبا موسى «الأبيض»، تمييزا منه لبشرته البيضاء عن قديس فى الكنيسة القبطية اسمه «الأنبا موسى الأسود»، صاحب بشرة سمراء، وقد طلب الرهبنة فى نفس الدير الذى يعتبر هذا القديس من آبائه العظام فى وادى النطرون، وهو دير البراموس. ومنذ ذلك الحين، وأنا اتابع الأنبا موسى عن قرب، واختبرت أن الوصف الذى أطلقه صديقى عليه يتجاوز التمييز فى لون البشرة، ويمتد إلى القلب، والمشاعر، والروح.

الأنبا موسى من طراز الأساقفة العظام بالكنيسة القبطية، يمتلك العلم الدينى، والوعى الوطنى، والإحساس الإنسانى، والتواصل الاجتماعى. قلما تجد شخصا يجمع كل هذه الصفات التى تستدعى كل منها العديد من العناوين الفرعية. فهو لاهوتى يجيد تقديم الحقائق الدينية، عظاته تنساب مثل الماء فى هدوء، تتدفق الأفكار، تكمل كل فكرة الأخرى فى تناسق وتكامل. وقد جسد وعيه الوطنى فى أنشطة أسقفية الشباب منذ سنوات، منفتح على الجميع، محبا للوطن بأسره، لا يختلف عليه اثنان، لم أسمع أحدا انتقده أو أمتعض لرأى ذكره. فى مجلسه تجد المسيحى والمسلم، كل التيارات والاتجاهات، يُجمع عليه الناس فى سابقة لا تتكرر كثيرا. إحساسه الإنسانى يجعله يحتضن الكل، لا يفرق بين أبنائه، ينشغل بهم، ويتواصل معهم بنفسه، وكلما تقدم به السن ازداد نشاطا وحيوية وشبابا، نظراته تقطر إنسانية ومحبة ورفقا، وما أن تقترب منه حتى تستدفئ بتواصله الإنسانى الراقى. فى الحقيقة يصعب أن تجد شخصا لا يحبه.

تتغير الأوقات، وتعلو وتهبط العواصف، وتشتد وتهدأ الرياح، ويبقى الأنبا موسى كما نعرفه، لا يتغير، والسبب أنه يحمل تدينا حقيقيا، لا يحيد عن هدفه ورسالته، وهى خدمة الشباب حتى يكون سليما روحيا، وإنسانيا، ومشاركا وطنيا، ومتفاعلا مع مجتمعه. لم يسع يوما وراء تكريم أو احتفاء، لو طلبه لوجده، لكنه دائما يفضل العمل بعيدا عن صخب الأضواء، باحثا عن البناء الجاد الذى يستمر ويدوم. نتمنى له دوام الصحة والعافية، وإننى على يقين أن دوره فى الكنيسة القبطية سيظل علامة بارزة، ورسالته تجاه مجتمعه ناطقة، وعمق شخصيته تؤثر فى كل الدوائر التى يتحرك فيها.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات