حين تكون المسافة صفرًا - ماجدة خضر - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 2:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حين تكون المسافة صفرًا

نشر فى : السبت 21 مايو 2011 - 9:06 ص | آخر تحديث : السبت 21 مايو 2011 - 9:06 ص
سألت الدكتور جودة عبدالخالق بعدما انتقلت من كرسى المعارض لتجلس على كرسى الوزير هل التمست العذر للمسئول، وهل اكتشفت أن الأمر بدا أكثر تعقيدا وأنت تراه عن قرب؟ رد سريعا «أبدا».

لم يفاجئنى رد الدكتور جودة فمعرفتى به تجعلنى أصدقه وأستبعد فكرة أن الجلوس على الكرسى ربما تجعله يرى الأمور من منظور يختلف عما كان يراه، وهو خارج المسئولية وفقا لمقولة «اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار».

فى شهر أكتوبر الماضى وقبل ثورة 25 يناير بشهرين فقط تنبأ الدكتور جودة بهذه الثورة خلال مؤتمر نظمه المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن دور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية، وقال فى سياق حديثه عن التفاوت الطبقى فى مصر وتركز الثروة فى أيدى قلة محدودة وانتشار الفساد بشكل لم تشهده البلاد من قبل: إن بمصر حطبا جافا سيتحول إلى حريق هائل إذا اقترب منه عود ثقاب.

لقد عبر المعارض اليسارى، الذى لم يتحول خطابه يوما عن الدفاع عن حق الفقراء فى نصيب عادل من الثروة عن حالة الاحتقان، التى كانت سائدة بين المصريين قبل الثورة وبركان الغضب الذى كان يوشك على الانفجار.

المفارقة كانت فى تعليق الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية السابق، والذى كان يوما ما عضوا بحزب التجمع، وكان يومها يجلس فى المؤتمر بجوار جودة ممثلا عن الحكومة ومتقمصا دور محامى الدفاع عنها طوال الوقت وقال بثقة شديدة إنه لا يوجد بمصر حطب جاف ولا نخشى أعواد الكبريت!

ولا أعرف هل كان عثمان كغيره من رجال النظام السابق فى غيبوبة أم أن إحساس تملك السلطة أصابهم بالغرور، وجعلهم لا يشعرون ببداية إرهصات الثورة.

لقد جلس جودة على نفس الكرسى، الذى اعتلاه اليسارى الدكتور فؤاد مرسى الذى تولى وزارة التموين فى بداية حكم السادات، والذى خاض معارك شهيرة ضد جشع التجار والمستوردين وبداية ظهور الرأسمالية الطفيلية وأباطرة الشواربى، وخرج من الوزارة بعد أن عجز نظام السادات عن احتمال سياساته حتى إن أحد رفاقه سأله عن مشاعره بعد أن ترك المنصب فقال: «لقد تنفست بعمق».

على الجانب الآخر، هناك نماذج لمعارضين سابقين قبلوا الانطواء تحت عباءة النظام السابق بكل فساده الذى كان ولا يزال يزكم الأنوف بحجة أنهم عجزوا عن الإصلاح من خارج النظام ففكروا فى إصلاحه من الداخل.

لكن الدكتور جودة الذى تنبأ بالثورة وأصبح الآن عضوا فى حكومتها يحاول أن يجعل المسافة بين المعارض والمسئول صفرا ولا ينسى أفكاره كمعارض يحاول أن يطبق المناسب منها.

لكن يبقى السؤال مطروحا هل شهوة الاقتراب من السلطة تغلب أحيانا جاذبية الانحياز إلى الثوابت الوطنية؟

 

ماجدة خضر  كاتبة صحفية
التعليقات