لو حاولت قراءة الأعمال كاملة للأديب ثروت أباظة فسوف تلاحظ أنه كان متنوع الكتابات، وأن كل رواية جديدة تكاد تنفرد بنفسها فليس هناك عملان ينتميان إلى نفس المدرسة، ويكاد النقاد أن يعتبروا أن أجمل أعماله هى روايته الأولى.. ابن عمار.. وهى رواية تاريخية تدور أحداثها فى صدر الإسلام، وفى عام 1957 نشر رواية هارب من الأيام فى سلسلة الكتاب الفضى، وهى رواية ريفية تدور أحداثها فى أجواء غامضة؛ حيث إن كمال الطبال هو عبيط القرية الذى يعمل طبالا، ويتعرض لسخرية الأطفال ويحب الفتاة درية ابنة العمدة التى تحب بدورها طالبا جامعيا يتقدم لخطبتها، هذه رواية محظوظة تماما بسبب موضوعها، وهى أول عمل أدبى يتحول إلى مسلسل تلفزيونى عام 1962 كتبه فيصل ندا وأخرجه نور الدمرداش، وقد لاقى نجاحا كبيرا؛ حيث توفرت له كل عناصر الجاذبية، وكان من بطولة عبدالله غيث، وفتح الباب لتهافت الدراما التلفزيونية على الأعمال الأدبية المصرية، وبعد عامين قام حسام الدين مصطفى بإخراج نفس العمل فى فيلم سنيمائى قام ببطولته فريد شوقى وسميرة أحمد وصلاح قابيل وصلاح منصور، وكتب له السيناريو والحوار فايق إسماعيل قبل أن يصير مخرجا، لا شك أن فى الفيلم أسبابا كثيرة للنجاح، ولكن عرض الفيلم بعد وقت قريب من المسلسل جعل الناس تميل إلى العمل التلفزيونى أكثر.

وقد كان السيناريو محبوكا وكان أداء عبدالله غيث براقا، رغم جودة طاقم الممثلين فى السينما رغم الالتزام الواضح بين كل من رواية المسلسل والفيلم، ولا ينسى المشاهد أن أداء كل من إحسان القلعاوى وعبدالله غيث دارت أغلب الأحداث فى أجواء الليل الغامضة بالقرية إنها مثل أغلب القرى المصرية يمكنك أن تسمع فى ظلام الليل طلقات الرصاص تنطلق بشكل عشوائى أو متعمد دليل على أن هناك شخصا ما ينتقم أو لصوصا ينتهكون ما يمتلكه الآخرون لذا فإن الفيلم ملىء بالشخصيات، لكل منها سمات خاصة، فالعمدة من خلال مكانته رجل جشع، وخارج عن القانون بطريقته، أما كمال الطبال فهو يتزعم عصابة من اللصوص تحت قيادة رجل من أعيان القرية، وكمال هذا يعيش حياتين مختلفتين ورغم أنه يحب الفتاة درية فإنه يقوم بخطفها، بعد أن يشعر أنها تعطف عليه لكنها تحب الطالب، ويحدث أن يتطهر كمال ويسعى لإنقاذ الفتاة من بقية زملائه، ويدور بينهم صراع ينتهى بمصرعه، نحن أمام فيلم يتناسب مع مخرج يلتزم تماما بالنصوص الأدبية، إذًا فإننا أمام فيلم حركة ينتمى إلى نفس النوع ومنها.. الأشقياء الثلاثة.. والشياطين الثلاثة.. وغيرها، هناك اختلاف ملحوظ فى أسلوب الإخراج عند نور الدمرداش الذى التقى فيما بعد بملك الفيديو بسبب هذا الإتقان، ومن الملاحظ أن أغلب أعمال حسام الدين مصطفى قد طواها النسيان حتى وإن امتلأ بالنجوم، فيلم «هارب من الأيام» هو واحد من أعمال كثيرة عمل فيها فريد شوقى أمام سميرة بعد أن انفصل عن زوجته هدى سلطان؛ حيث إن الممثل كان يرمز للخشونة وهو يقع فى حب فتاة بريئة كما حدث فى فيلم.. النصاب.. وطريد الفردوس.. وغيرهم.