المثقف العربى.. مهام مؤجلة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المثقف العربى.. مهام مؤجلة

نشر فى : الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:35 م

شكل مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة الذى اختتم أعماله، أمس، وشارك فيه باحثون من مصر وبقية الدول العربية، مناسبة مهمة لطرح قضية التنمية المستدامة، وعلاقتها بالمتغيرات الثقافية. وهو موضوع يبدو أنه تراجع كثيرا فى السنوات الماضية فى أعقاب ما عرف بثورات الربيع، ومواجهة الإرهاب، والانشغال بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ولم يعد هناك نقاش كثيف حول التنمية، بل إن بعض الهيئات المعنية بقضايا التنمية نفضت يديها عن العمل فى بعض الدول العربية، وانشغلت هيئات أخرى بقضايا جديدة مثل اللاجئين. صحيح أن أهداف التنمية المستدامة تشغل بال الحكومات، وهناك خطط وضعت من المحيط إلى الخليج، ولكن مردودها على مستوى النقاشات الثقافية، والإعلام، والإدراك الشعبى لا يزال محدودا فى مجمله، وإن اختلف من دولة لأخرى بالطبع. من هنا أتاح المؤتمر مجالا للنقاش بين باحثين عرب حول قضايا عديدة متشعبة مثل التنمية الثقافية، والعدالة الاجتماعية، وإحياء الفنون والحفاظ على التراث، الصناعات الثقافية، التحولات فى القيم، وبناء الإنسان، ورأس المال الاجتماعى، والمراكز الثقافية والمجتمع المدنى وغيرها. أهم ما طرح فى المؤتمر، فيما شاركت فيه من نقاشات، الحديث عن أهمية الدور الذى يلعبه المثقفون العرب فى مراجعة المفاهيم. هناك عشرات المفاهيم التى انتقلت إلى الدراسات الاكاديمية، وممارسة العمل التنموى، والمطبوعات فى العالم العربى، وكثير منها راج فى دوائر مؤسسات مالية عالمية كالبنك الدولى مثل الحكم الرشيد، ورأس المال الاجتماعى، والتمكين، إلخ، ذاع صيته لأسباب سياسية تتعلق ببرامج التكيف الهيكلى الاقتصادى، ومحاولة تقزيم دور الدولة فى مراحل معينة لصالح القطاع الخاص والمجتمع المدنى. الآن، هناك متطلبات جديدة فى المنطقة العربية، على رأسها وجود دولة قوية، تنموية ديمقراطية، لا غنى عنها لمواجهة تحديات التهميش والفقر والعنف والارهاب والتفسخ الاجتماعى.
المفاهيم المتداولة فى الوسط الأكاديمى كثيرة، غالبيتها وافد، مفارق للواقع، ولا يعكس متطلباته أو شروطه. ينبغى أن يواجه المثقف العربى هذه الإشكالية، من خلال قراءة نقدية للإنتاج الأكاديمى الوافد، ونقد التراث، ومحاولة ابتكار معالجات اكاديمية تسهم فى تطوير الواقع، وتجيب على أسئلته، وتواجه تحدياته. رغم أن ذلك يعد ــ فى رأيى ــ فرض عين، ينبغى على كل مثقف واع القيام به، إلا أن هناك اشكاليات تعيقه عن أداء هذا الدور: منها ضعف التكوين الثقافى للأكاديميين العرب، والاغراق الشديد فى المحلية، ومحدودية المشاركة فى الانتاج الثقافى عالميا، والعداء أحيانا للابتكار، وتقديم الجديد. بالطبع إذا تحدثنا عن التنمية الثقافية، وتطوير الدراسات الاكاديمية يصعب أن نغفل دور التعليم، الذى يقدم الأدوات الاساسية للتواصل الثقافى، وفى مقدمتها اللغة، حيث يلاحظ أن الانكفاء الاكاديمى العربى على المحلية ينبع فى جانب كبير منه إلى عدم الالمام بلغات اجنبية، وعدم القدرة على الاطلاع على ما تنشره المؤسسات العلمية على مستوى العالم.
مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة كان مهما فى طرح التساؤلات، وهى محاولة جسوره من أمينه العام الدكتور سعيد المصرى، لكن تظل المهام الحقيقة المطلوبة من المثقف العربى مؤجلة.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات