** قد تظن أننى بصدد عرض قصة قصيرة للكاتبة الشهيرة أجاثا كريستى صاحبة رواية جريمة على النيل.. فهذا حديث عن جريمة أخرى مختلفة وقعت بالفعل على مسرح أولد ترافورد، ملعب تشيلسى، الذى فاز على مانشستر سيتى 5/1 فى كأس إنجلترا. فعندما سجل لاعب سيتى الفرنسى فوبالا هدف التعادل فى الشوط الأول والتف حوله أعضاء الفريق للاحتفال ألقى جمهور تشيلسى بنقود معدنية على لاعبى مانشستر سيتى، وهذه ثانى حادثة من نوعها فى المسابقة خلال عطلة نهاية الأسبوع بعدما اصيب وكان كريس برونت مدافع وست بروميتش البيون أصيب فى رأسه جراء إلقاء أحد مشجعى فريقه بقطعة نقدية بعد الخسارة امام ريدينج (1ــ3).
** هذا سلاح جديد يستخدمه الجمهور الإنجليزى المتعصب.. (مشجع آخر لفريق تشيلسى ألقى عليه القبض فى نفس المباراة لأنه ألقى ولاعة نحو لاعبى سيتى) واعتبرت الحادثتين خروجا على تقاليد ملاعب كرة القدم البريطانية، وجريمة خطيرة، وقال هيدينك المدير الفنى للفريق اللندنى إنه يرفض ويشجب هذا السلوك، وهؤلاء المشجعون لا يستحقون البقاء فى مدرجات كرة القدم (قلت لنفسى: «يا سلام»؟) وهو ما دفع إدارة تشيلسى إلى إعلان حرمان أى مشجع يثبت اشتراكه فى إلقاء قطع النقود المعدنية من دخول ستامفورد بريدج للأبد.. (أكرر للأبد) وبطبيعة الحال يتم التعرف على هؤلاء بالكاميرات، وبرجال أمن مباريات مدنيين يجلسون وسط الجماهير. ويطبق القانون فى ملاعب الكرة الإنجليزية على أى مشجع، حتى لو كان ينتمى للأهلى أو للزمالك (لا يوجد خطأ هنا فى اسم الناديين)؟!
** كانت كرة القدم الإنجليزية فى بدايتها لعبة الأشرار والعاطلين، ومبارياتها تسفك فيها الدماء قبل أن تهذب على مدى سنوات. وخلال السنوات العشرين الماضية، أصبحت كرة القدم ثقافة شعبية سائدة فى إنجلترا، بعدما كان الاهتمام بها فى الماضى ينصب على من يمارسون البلطجة ويكرهون الأجانب. ومع ذلك يقال إنه يصعب الآن أن تجد مشجعين يماثلون مشجعى كرة القدم الانجليز فى السذاجة والعدوانية.. وهو قول غير دقيق على ما أظن، فهناك فى عالم كرة القدم وخارج حدود الجزيرة البريطانية جماهير تستخدم الطوب والحجارة بدلا من النقود، وتسب اللاعب المنافس إذا سجل هدفا جميلا عقابا على الجمال الذى نشره ونثره فى المباراة. وهناك خارج حدود الجزيرة البريطانية يمكن أن يفعل المشجع ذلك وأكثر، ويمضى فى طريقه بدون عقاب بالقانون، وبدون رد فعل من ناديه، ففى خارج حدود الجزيرة البريطانية يمكن أن تحتفى أندية بشغب جماهيرها؟!