المعرفة المجردة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:41 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعرفة المجردة

نشر فى : الثلاثاء 22 مارس 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 مارس 2016 - 10:30 م
قرأت خبرا فى المواقع الالكترونية مفاده أن وزارة التربية والتعليم قررت فى سياق خطتها لتنقيح المناهج حذف اسم وصورة الدكتور محمد البرادعى من كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائى ضمن قائمة الحاصلين على جائزة نوبل. ونقل موقع «اليوم السابع» تعليقا من مصدر مسئول بوزارة التربية والتعليم بأن ذلك جاء على خلفية مواقف الرجل التى وصفها «بالعدائية، وتصريحاته المحرضة ضد مصر خاصة بعد ثورة 30 يونيو»، وأضاف أن ذلك جاء بناء على رغبة بعض أولياء الأمور، وحماية للتلاميذ من البلبلة، لأنهم يدرسون شيئا ويسمعون شيئا آخر فى الإعلام.

لم ألتق يوما بالدكتور محمد البرادعى، ولا توجد بينى وبينه علاقة من أى نوع، فضلا عن أننى أرى أن خروجه من مشهد 3 يوليو أضعف ثقل التيار الديمقراطى فى تكوين النظام السياسى الجديد، وأظهرهم بأنهم غير قادرين على تحمل تبعات المرحلة الصعبة التى يمر بها المجتمع، وفى الوقت نفسه قوى شوكة اتجاهات أخرى على صلة بنظام مبارك، وأثر سلبا على صورته لدى قطاعات عريضة من الرأى العام. هذه قضية سياسية، وليست علمية أو معرفية. وأيا كان رأينا فى الموقف السياسى للرجل، لن ينفى ذلك أنه حصل على جائزة نوبل، وتبعها حصوله على قلادة النيل، وكان له دور فى مواجهة انحراف مسار ثورة 25 يناير فيما عرف بجبهة الانقاذ، حتى وإن اختلف لاحقا مع المسار الذى اتجهت إليه ثورة 30 يونيو. ليس مطلوبا أن يكون الكتاب المدرسى مرآة لتحولات السياسة، كما أنه ليس مطلوبا تنقيح الكتب المدرسية حتى تكون موافقة للإعلام، وكأن الإعلام هو المتغير الأساسى، والكل بعد ذلك متغيرات تابعة، فضلا عن أن الكتاب المدرسى يقدم معلومات وليست آراء سياسية.

يجب أن نكف عن كتابة التاريخ من موقع النظام السياسى، لأن ذلك لا يدوم.

غياب الرئيس الأسبق محمد نجيب عن كتب التاريخ لفترة طويلة لم ينف أنه كان أول رئيس لمصر بعد النظام الملكى، وعاد التلاميذ يدرسون ذلك، نفس الأمر تكرر بصورة أو بأخرى فى عهد الرئيس السادات تجاه المرحلة الناصرية، ثم تغيرت المعالجة بعد رحيله.

ورغم أن نظام مبارك مدان فى نظر بعض قطاعات الشعب، وأدين حسنى مبارك بحكم قضائى، لا أحد ينكر أنه قاد معركة شرسة، نتذكرها هذه الأيام، لاسترداد طابا.

التاريخ خلاف السياسة، فهو يدون كل شىء. صحيح أن دائما الرواية التاريخية هى رواية من يمتلك مقاليد الأمور، لكن من الأفضل أن نعتبر الكتاب المدرسى وسيلة معرفة، وليست أداة سياسية. العالم تغير، ووسائل الحصول على المعرفة، واستقاء المعلومات تغيرت، ويجب علينا أن ندرك ذلك، ونعرف أن الشعوب تستقى المعلومات من مصادر متنوعة، وليس فقط الكتاب المدرسى، وكما أن هناك من رأى أن يحذف اسم الدكتور البرادعى من الحاصلين على نوبل، وفق مبررات عديدة، منعا للبلبلة، فإن حذفه أيضا آثار لغطا، والدليل على ذلك أن اهتمام الإعلام بالقضية جعل الناس تعرف أن هناك شيئا محذوفا، فى حين أنها لم تكن تعرف أصلا أن هناك شيئا متضمنا فى المنهج عن هذا الموضوع.

ســامـــح فــــوزى
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات