التنمية الغائبة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التنمية الغائبة

نشر فى : الأربعاء 22 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 مايو 2013 - 8:00 ص

كلما وقعت كارثة فى سيناء يستدعى حديث تنمية هذا الجزء العزيز من الوطن الذى تعرض لإهمال على مدى عقود. وبعد أن تجف الدموع، وتهدأ الخواطر يتلاشى الأمر، وينساه الجميع. هذا هو دأب المجتمع الذى يفور ثم يهدأ، يغضب ثم يخمد فى كل مشكلاته، لعلك تلاحظ نفس المسلك فى أحداث التوتر الدينى بين مسيحيين ومسلمين حيث نستعيد خطاب المواطنة، ونؤكد على أهمية حل المشكلات القبطية العالقة، وتطبيق القانون، الخ. وبعد أيام ننسى المسألة برمتها.

 

الذاكرة القصيرة هى آفة المجتمع. من يتحدث ــ عن حق ــ عن تنمية سيناء عليه أن يتذكر تنمية الصعيد بما يحويه من محافظات هى الأكثر فقرا على مستوى الجمهورية ثم تطوير العشوئيات التى تُحزّم المدن بالفقر والجريمة، والدلتا التى تعانى من مشكلات كثيرة ليس أقلها ما يتنبأ به العلماء من آثار كارثية نتيجة التغيرات المناخية.

 

الخلاصة أن المجتمع ينقصه تصور تنموى شامل. ما خطة التنمية فى مصر؟ هل هناك خطة من الأصل؟ إننى على استعداد أن أقبل أن تستدين الحكومة، وتشد الحزام على البطون، وتفرض ضرائب جديدة، وترفع أسعار الخدمات العامة إذا كان ذلك فى إطار خطة أشمل لتنمية مصر، نحتمل قليلا حتى نجنى كثيرا. لا مجال للتعامل بالقطعة دون وجود تصور لنهضة هذا المجتمع فى إطار زمنى، وخطة، وبرنامج، وشراكة بين حكومة ومجتمع، ودور نشط لمؤسسات الدولة جنبا إلى جنب مع منظمات المجتمع المدنى. هكذا تقدمت الدول التى ابتغت طريق التقدم، وسلكت فيه، واحتملت صعابه.

 

أزمة مصر فى غياب التصور الشامل للتنمية، ووجود حكومة ليس لديها رؤية تطرحها للنقاش والحوار، وتكون مدخلا لجمع شتات مجتمع يتبعثر. أضاعت الرئاسة الشهور الأولى قبل زلزال الإعلان الدستورى دون أن تطرح رؤية يلتف حولها الجميع، ومنذ ذلك الحين الحرب مستعرة بين الحكم والمعارضة، تستنزف فيه الطاقات، ويزاد وجه المجتمع يأسا وقتامة يوما بعد يوم.

 

إدارة المشهد السياسى تحتاج إلى رشد من كل الأطراف دون تمزق بين جمع التوقيعات لحملة «دعم» فى مواجهة «تمرد»، وأصوات متعاركة فى الإعلام تشعر الناس بأن واقعها يحيط به براكين توشك على الانفجار. إسلاميون ينازعهم «التمكين» و«الارتباك»، ومعارضوهم لا يمتلكون طرحا سوى معارضة النظام، يقودهم الشارع، ويخشون أن يفقدوا زخم الحضور إذا أدارت القوى الشبابية الغاضبة ظهرها لهم. مشهد بأس، لا شىء يتغير، والشعور بالإحباط يزداد.

 

الحل أن يطرح الحكم خطة واضحة شفافة لتنمية مصر، يجتمع حولها الفرقاء السياسيون مثلما يحدث فى المجتمعات التى تمزقها الخلافات السياسية، سياسات عامة تتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ــ أى بالتنمية، يعبئون قوى المجتمع حولها، ويخلقون حالة من الحوار والعمل المشترك بين الجماهير.

 

هل لا يزال هناك أمل فى تحقيق ذلك؟

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات