قلبى مع جنودنا ورجال الشرطة الذين سيرسلون فى الأيام القريبة للدفاع بأجسادهم عن رمز من رموز السيادة الإسرائيلية الجديدة فى جبل الهيكل [الحرم القدسى الشريف]: البوابات الإلكترونية. وإذا لا سمح الله قتل شخص واحد فى جولة العنف الحالية، فإن هذا لن يساوى البتة أى فائدة مرجوة من هذه البوابات. الخطر أكبر بما لا يقاس من الفائدة.
لكن ربما من مصلحة رئيس الحكومة نتنياهو تحويل الانتباه عن التحقيقات [فى صفقة الغواصات الألمانية المتورط فيها مقربون منه]. هذا هو سبب إصراره على الدخول فى مواجهة مع الفلسطينيين ومع العالم الإسلامى كله، ومن دون ذلك لا يمكن تفسير هذه الحماقة.
لن تنقذ البوابات الإلكترونية حياة إسرائيلى واحد. المهاجم الذى يريد اطلاق النار على إسرائيليين يستطيع أن يفعل ذلك فى أى مكان، فى الشارع الرئيسى وعلى شاطئ البحر، وفى الصف الذى ينتظر الباص، أو يستطيع أن يطلق النار على رجال الشرطة أنفسهم الذين يقفون بالقرب من الباب الإلكترونى على مدخل الحرم. وحتى لو كانت البوابات وضعت قبل يوم الجمعة، فإنها لم تكن لتمنع الهجوم المروع، فقد هاجم المخربون الشرطيين على مدخل الحرم وليس داخله. تماما فى المكان الذى وضعت فيه حاليا أجهزة كشف المعادن.
عموما، فى داخل الحرم القدسى الشريف، وخاصة فى أوقات صلاة المسلمين، لا يكون هناك وجود يهودى (وعندما يكون هناك وجود يهودى فهو دائما برفقة رجال شرطة مسلحين)، فلماذا والحال هذه يجب على الفلسطينيين الخضوع للتفتيش قبل دخولهم إلى المكان الذى يلتقون فيه بأنفسهم، وما هو المنطق؟
المنطق سياسى وليس أمنيا. وفى اليمين يعرفون أيضا أن البوابات الإلكترونية هى رمز للسيادة هدفه إذلال الفلسطينيين وتذكيرهم بمن هو السيد هنا، ولهذا هم يصرون عليها.
فى مكة فى السعودية توجد بوابات إلكترونية، وهناك يفتش مسلمون مسلمين. وفى حائط المبكى [حائط البراق] توجد مثل هذه البوابات يفتش فيها إسرائيليون إسرائيليين. لكن أن تقيم الشرطة الإسرائيلية مواقع يفتش فيها إسرائيليون المصلين الفلسطينيين، فهذه قصة مختلفة تماما.
هل يستطيع أحد أن يتصور فلسطينى يفتش يهوديا لدى دخوله إلى كنيس أو إلى حائط المبكى؟ فى الحرم القدسى، بخلاف حائط المبكى، أوقات الصلاة ثابتة، ويجب خلال وقت قصير جدا على عشرات الآلاف الدخول إلى المكان. حاولوا تخيل التدافع، والتوتر، والعداء والاكتظاظ والغضب الذى ستتسبب به الحواجز كل يوم جمعة. وأيضا فى المناطق تشكل الحواجز نقاط الاحتكاك الأكثر حساسية للطرفين، ولذا يبذل الجيش كل جهده لخفض عدده إلى الحد الأدنى.
عندما خاف الحريديم من الاصلاحات المتعلقة بالدخول إلى حائط المبكى، هددوا بإسقاط الحكومة. وعندما رأى الفلسطينيون البوابات الإلكترونية تظاهروا لمدة أربعة أيام من دون عنف ولم يهتم بذلك أحد. عندما لا تملك حق الانتخاب فى الكنيست وتشكيل قوة سياسية، وعندما تكون التظاهرات هادئة ولا تحرك أحدا، فإن جزءا من الفلسطينيين سييأس ويتوجه نحو العنف، وهذا ما يمكن الحئول دون حدوثه.
من المؤسف أن نعرض حياة الفلسطينيين للخطر، وحياة جنودنا ورجال الشرطة الأعزاء. حان الوقت كى نوقف هذا الجنون، وأن نتصدى للأنانية، وأن نمنع نتنياهو من التحريض على إشعال النار، وأن نطالب بإزالة البوابات الإلكترونية قبل يوم الجمعة، فهى لا تستحق أن تسيل دماء إنسان من أجلها، وهى يمكن أن تؤدى إلى خسارة أرواح لا إلى إنقاذها.
ياريف أوبنهايمر
رئيس حركة «السلام الآن»
موقع nrg
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية