لمصر إمكانيات بشرية ومادية عظيمة، وعلينا كمصريات ومصريين أن نتذكر هذه الحقيقة دوما ونعول عليها فى مواجهة أزمات الحاضر المتراكمة وفى مقاومة انعدام الأمل فى غد أفضل دون استبداد أو تخلف أو فقر.
إبداع مصر الحضارى الممتد عبر آلاف السنين، طاقاتنا الفكرية والثقافية والفنية والعلمية والدينية التى صنعت شعبا متسامحا ولم تستسلم أبدا لا لكوارث طبيعية أو انهيارات مجتمعية أو لعنف محتل أو قيود مستعمر، تماسك النسيج الوطنى فى دولة مستقرة الحدود منذ القدم ولشعبها هوية تتمايز هى خليط من هويات الجوار المباشر ومتمايزة عنه، خبرة التاريخ الطويل فى التعاطى مع الانتكاسات والانهيارات والأزمات والتهديدات الداخلية والخارجية والخروج منها بزاد جديد لتماسك الدولة والمجتمع والبحث عن سبل التقدم والعدل والحرية؛ كل هذه إمكانيات بشرية عظيمة ينبغى ألا تغيب عن نظرنا الجماعى.
الرقعة الجغرافية المتسعة والمتنوعة، الثروات الطبيعية التى تعود الشعب المصرى على التعاطى معها دون تبذير أو إهدار أو سلبية لا تتسق مع إيجابية ثقافة الحرص والادخار والاحتياط للمستقبل (وثيقة الارتباط بقدم اعتمادنا على الزراعة وبموارد مائية موسمية)، انتماء المصريات والمصريين إلى «الأرض» ورغبتهم الدائمة فى الحياة عليها أو العودة إليها؛ هنا إمكانيات طبيعية عظيمة وطرق رشيدة وعقلانية فى الإفادة منها وفرص فعلية لتجاوز الأزمات وصناعة التقدم حاضرة دوما.
رفض المصريات والمصريين المتكرر عبر محطات تاريخية عديدة للاستبداد، عدم استكانتهم للظلم وللقمع وبحثهم عن الحق والحرية، تعافيهم السريع من مراحل الهيستيريا الجماعية التى سببها حاكم ظالم أو محتل همجى أو مستعمر أراد فرض أحادية الدين والفكر والرأى على شعب عاش منذ قديم الأزل متسامحا مع التنوع وراغبا فى التعددية، الومضات الفكرية والفنية والعلمية والدينية التى أنارت للمصريات وللمصريين سبيل التقدم؛ كل هذه سمات اختزنها وعينا الجمعى واستطاع استدعاءها وتجديد دمائها فى لحظات الانتكاسات والانهيارات والأزمات.
على رداءة الواقع المحيط بنا منذ عقود، وتراكم أزمات الاستبداد والفقر والجهل، وخلايا داء حكم الفرد العضال التى عادت لتواصل زحفها على جسد الدولة والمجتمع (المؤسسات العامة والخاصة) وتكالبها على وعى الناس (سيطرة الزيف على المجال العام واغتيال العقل وغياب المعلومة والحقيقة)؛ نستطيع أن نستزيد من الإمكانيات البشرية والطبيعية العظيمة لمصر للتفاؤل بغد أفضل قادم وللعمل (كل فى مجاله) لاستعادة العدل والمساواة والقدرة على الحفاظ على تماسكنا وصناعة التقدم والديمقراطية، وهما حقان أصيلان لنا وليس منحة تؤجل أو تبتثر من حاكم أو منظومة حكم.