تامر وزملاؤه - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تامر وزملاؤه

نشر فى : الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 8:30 م
تمثل واقعة «تامر أمين» مناسبة مهمة لإعادة النظر فى هذه النوعية من البرامج، التى يظهر فيها مذيع على الشاشة، يحتل المشهد، ويتحدث لفترات طويلة، وعندما يستضيف ضيفا أو يتلقى اتصالا هاتفيا تجده أيضا متحدثا، ومعقبا، ومرشدا، وموجها، بحيث يتصور المشاهد أن البرنامج الذى يشاهده ملكية خاصة لهذا المذيع أو ذاك. وإذا تحدث طويلا، واسترسل فى الكلام، يظهر البناء الفكرى، والتكوين الثقافى، والمهارات الإعلامية التى يتسم بها المذيع، والتى قد تجعل منه إعلاميا متميزا يرتقى بوعى المشاهد، أو ديماجوجيا يلقى آراء بها انفعال، وجهل، وتعصب، تكشف بالتأكيد هشاشة تكوينه الثقافى، وعدم إدراكه لطبيعة وظيفته أو دوره.

لن أذكر أسماء بعينها، المشاهد لديه من الوعى والفطنة ما يجعله يحكم على الأمور، ويميز بين إعلامى لديه وعى، وآخر ضحل فكريا. أتذكر حادثة طريفة تكشف أن الناس ليست أوعية فارغة يضع فيها الإعلامى ما يشاء دون وعى أو تفكير نقدى من جانبهم. قبل أن يتنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك بيوم واحد كنت أجلس فى مقهى مع صديق، وكان هناك شباب كثيرون، وساد توقع يوم 10 فبراير أن الرئيس مبارك سوف يعلن تنحيه عن الحكم، ولذلك شن أحد المذيعين هجوما قاسيا على مبارك، لا يخلو من شماتة، لا يصح أن يلجأ إليها إعلامى موضوعى، ولاسيما أنه شخصيا كان من المقربين سياسيا فى عهد مبارك، وتمتع بمساحة إعلامية لم يحظَ بها غيره. المهم أن خطاب الرئيس مبارك أذيع، ولم يشمل ما توقعه المذيع، بل أعلن فيه الرئيس الأسبق أنه لن يترشح فى الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها بعد عدة شهور، فما كان من نفس المذيع الا أن وجه الشكر للرئيس مبارك، ودعا الناس إلى تفهم ما يحدث، وإعطاء الرئيس مهلة الشهور المتبقية من حكمه حتى تعبر الأزمة. بعد أن قال هذا الكلام الذى تناقض فيه مع حديثه السابق فى نفس البرنامج، هب أحد الشباب واقفا، الذى لا أظن أن لديه وعيا سياسيا أو اهتماما بما يجرى حوله، وقال على الملأ: الرجل ده كان بيقول كلام غير كده من ربع ساعة، هو ينفع حد يسمع له أو يصدقه.

المشاهد لديه وعى حتى إن لم يمتلك ثقافة سياسية. وهو ما يجعله يحكم على ما يشاهد، ويفرق بين الغث والثمين، ولا يصدق الأصوات التى لا تقدم الحقيقة، والدليل على ذلك أن هناك قنوات معادية تبث ليل نهار برامجها، ولا يستمع إليها أحد، ولم تحرك ساكنا فى المجتمع.

لا أريد الخوض فى حادثة «تامر أمين»، فقد قيل بشأنها كل ما يمكن أن يُقال. وبالمناسبة ليس جديدا التنمر على شريحة أو قطاع من الناس، وسبق حدوثه فى مناسبات أخرى، وهو ما يدعنا نفكر فى أهمية إعادة هيكلة برامج التوك شو، ليس فقط من حيث اختيار المذيعين الذين لديهم الوعى، والعلم، والثقافة، واحترام المواطنة، ولكن أيضا ممن لديهم القدرة على إدارة حوار موضوعى مع آخرين بهدف إثراء وعى الجمهور، وممارسة دور جاد فى نشر ثقافة المساءلة والشفافية، وتحمل المسئولية المجتمعية.

أظن إذا أجرينا تقييما جادا للإعلام المرئى سنجد أنه لا يخدم فى بعض الأحيان سياسات الدولة ذاتها.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات