ما بعد صدمة شاشات الموت الزرقاء! ‎ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد صدمة شاشات الموت الزرقاء! ‎

نشر فى : الثلاثاء 23 يوليه 2024 - 10:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يوليه 2024 - 10:05 م

هل هناك طريقة لمنع إصابة كل أجهزة الكمبيوتر فى العالم بالسكتة التكنولوجية الكاملة، بما يعيد العالم لعصر ما قبل الكمبيوتر والإنترنت؟ ‎هذا السؤال لم يعد افتراضيًا بعد صدمة يوم الجمعة الماضى، حينما ظهرت «شاشة الموت الزرقاء» على أكثر من ٨ ملايين جهاز كمبيوتر يستخدمون نظام تشغيل ويندوز ٣٦٥ ونظام الحماية فالكون.

‎نعلم أن هذا التعطل الذى تسببت فيه شركة «كراود سترايك» للأمن الإلكترونى أصاب العديد من المطارات والموانئ والبنوك والبورصات والمستشفيات فى العالم بالسكتة التكنولوجية، وأخرجها عن العمل، فأصيبت قطاعات واسعة بالشلل إلا من رحم ربى خصوصًا الدول التى ليس لها ارتباط قوى بالتكنولوجيا أو كانت إجازتها الجمعة مثلما هو الحال فى غالبية البلدان العربية. ‎السؤال مرة أخرى هل يمكن أن تُصاب كل الأجهزة بالشلل؟ ‎الإجابة تبدو صعبة فعقب كارثة يوم الجمعة قالت شركة مايكروسوفت أنها تعمل بالتعاون مع شركة كراود سترايك وشركاء آخرين كبار على تطوير أساليب أكثر فعالية لمنع تكرار ما حدث. ‎لكن من الناحية الفعلية فإنه مما لفت نظرى أن شركة إير إيفا الهندية للرحلات منخفضة التكلفة طلبت من المسافرين الوصول إلى المطارات مبكرًا والاستعداد للتسجيل اليدوى لدى مكاتب الخطوط الجوية وهو ما يعنى أننا قد نعود إلى عصر ما قبل الإنترنت. ‎خبراء كثيرون قالوا إن حادث يوم الجمعة، وهو الأكبر على الإطلاق من نوعه يجب أن يدفع لإعادة النظر فى مدى اعتماد المؤسسات على عدد قليل من شركات التكنولوجيا لمثل هذه المجموعة من الخدمات. ‎الأستاذ بجامعة يورك البريطانية جون ماكدير، قال: «علينا أن ندرك أن مثل هذه البرمجيات قد تكون سببًا شائعًا لفشل أنظمة متعددة فى نفس الوقت». ‎كلام الخبير البريطانى مهم، فالبنية التحتية التقنية يجب أن تكون مصممة لتصبح قادرة على الصمود فى مواجهة «مثل هذه المشاكل الناتجة عن أسباب مشتركة». ‎قد يمكن أن يتعطل بنك أو مطار أو أى مؤسسة، لكن ماذا لو تعطلت منظومات الأسلحة فى أى دولة خصوصًا إذا كانت فى حالة حرب سواء كان ذلك بهجوم سيبرانى نتيجة خطأ بشرى غير مقصود؟! ‎المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رادير قال يوم السبت الماضى «نتابع الموضوع عن كثب، ونتابع كل الإجراءات اللازمة لمجابهة الهجمات السيبرانية». ‎والسؤال إذا كانت أمريكا أو غيرها بحكم الإمكانيات والموارد الضخمة قادرة على ذلك، فماذا عن بقية دول العالم؟! ‎الأمر لا يتعلق فقط بالأسرار والمواقع العسكرية، بل إن هناك محاوف ترددت كثيرًا بعد عطل يوم الجمعة الماضى من احتمال تسرب بيانات حساسة من خوادم تعتمد على سيرفرات مايكروسوفت ويندوز وتقنيات الأمن السيرانى من شركة كراود سترايك. ‎والخطر هنا هو احتمال حدوث فوضى وضياع فى هذه المؤسسات، ما قد يحرم الكثيرين من الخدمات، ويؤدى إلى مزيد من التقييد فى الحركة أو ضبط الأمن. وحتى إذا لم يكن الأمر ناتجًا عن هجوم سيبرانى متعمد، فإن بعض الجهات قد تستغل مثل هذه الأعطال لشن هجوم خلال فترات الأعطال للحصول على بيانات حساسة للابتزاز وطلب الفديات الضخمة. ‎على سبيل المثال فإن منصات البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية تتوقف عند حدوث هذه الأعطال، إضافة إلى احتمال حدوث عمليات سرقة للبيانات. ‎وفى هذه النقطة تحدث كثيرون فى بلدان مختلفة فى العالم بأن هذا الحادث يثبت أهمية استبدال البرامج الأجنبية المستوردة بأخرى محلية مضمونة؟ ‎لكن هل هناك ما هو مضمون فى هذه الأيام؟ ‎سألت هذا السؤال لمن يفهم فى الأمر؟ ‎فقال لى حتى الآن لا شىء مضمون فى عالم تأمين أحهزة الحاسوب وكل الأجهزة التقنية خصوصًا الهواتف النقالة، ومهما كانت قدرة الشركات على حماية أجهزتها، فإن قدرة القراصنة تثبت دومًا أنها تسبقها بخطوة. ‎مرة أخرى نطرح السؤال: هل يمكن تخيل العالم من دون أجهزة الحاسوب والإنترنت، وربما يكون السؤال الذى لا يخطر على أذهان كثيرين ‎من شباب الجيل الحالى، هو: كيف كانت حياتنا من دون الهواتف والحواسيب والإنترنت؟

عماد الدين حسين  كاتب صحفي