** هو غناء قديم ومتنوع، قد يكون باللحن والكلمة والصوت، وقد يكون بالكتابة، والكلام، والميكرفون. إنه الديربى فى جميع الأحوال، وفى كل الدول التى تلعب كرة القدم. فالاهتمام بالفريقين أمر طبيعى ومنطقى، لكنه لا يعنى أبدا تجاهل الفرق الأخرى، ونتائجها وكفاحها ومحاولاتها، فإذا لعب أحد الكبيرين مع فريق وفاز أو خسر فلماذا فاز ولماذا خسر، كأنه لعب وحده وفاز وحده أو خسر وحده. ومن أسف أن الأمر يتكرر، فلا يرى الكثيرون كيف لعب الفريق الآخر أمام الأهلى أو أمام الزمالك؟
** لكن ماذا لو كانت المباراة بين الأهلى والزمالك واتجهت الأنظار إلى فريق واحد منهما؟
** حدث من قبل ويحدث كثيرا وسوف يتكرر، فقد رأيت أن أداء الزمالك فى مباراة القمة 129 اختصر فى الفترة من الدقيقة 70 إلى الدقيقة 95، بينما بدأ الزمالك تحت قيادة مدربه البرتغالى بيسيرو المباراة بتكتيك جعل المباراة صعبة معقدة على الأهلى. وهذا التكتيك قام على انضباط وتضييق للمساحات، والضغط على لاعبى الأهلى وعلى طيوره المحلقة، التى تجيد اللعب فى المساحات، مثل الشحات وعاشور وجراديشار ومحمد عبد الله، وأضاف بيسيرو على رقابة هؤلاء، ضغطا شرسا على مفاتيح بناء الهجمات فى الأهلى، مثل مروان عطية ورضا، ومن حسن حظ بيسيرو أن كولر وضع محمد هانى والدبيس على الدكة، ودفع بكوكا فى غير مركزه الأساسى، وهو الوسط، ودفع بأكرم توفيق فى مركز الظهير الأيمن، وهو جيد دفاعا ولا يملك ملكة الهجوم والانتقال لمركز الجناح مثل هانى.
** حين سجل بن شرقى هدف الأهلى فى الدقيقة 72، كانت تلك هى إشارة الهجوم للزمالك. فصحيح أن رهان بيسيرو من البداية هو عدم الهزيمة، ولذلك لجأ لهذا التكتيك فى سياق حالة فنية جيدة سابقة للأهلى، بينما لجأ مارسيل كولر إلى نفس الرهان بالتشكيل. ومن الدقيقة 73 بدأت غارات الزمالك المتتالية، وهو ما دفع الأهلى إلى التراجع لمنطقته، تاركا منطقة العمليات، وسط الملعب، للسعيد ورفاقه، فسجل الزمالك هدفا من أفضل أهداف الدورى، لأنه من إنتاج 45 تمريرة. وهنا ليست القضية أن الأهلى كان فى حالة فنية سيئة أو لأن كولر لم يكن موفقا، وإنما فى كفة الميزان الأخرى لعب الزمالك بأفضل أسلوب له من البداية، ثم هاجم بهدوء وتركيز وقوة حتى تعادل وكاد يحقق الفوز بفرصتين أيضا.
** الغناء للأهلى والزمالك يجب أن يكون متوازنا وعميقا وصريحا، فى مجال الكتابة والتحليل والكلام، لكن الغناء للأهلى والزمالك باللحن والكلمات والموسيقى ظل دائما متحيزا فى فترة ثم محايدا فى فترة أخرى، فقد غنى عبد الحليم حافظ للأهلى عام 1957 احتفالا بيوبيله الذهبى بأغنية من كلمات الأمير عبد الله الفيصل، وكان الأمير من عشاق الأهلى، وكان عبد الحليم عضوا فى النادى منذ عام 1954. ثم غنى الفنان محمد رشدى للزمالك فى منتصف السبعينيات، فى حفلة أقيمت بمقر النادى احتفالا بفوزه بالدورى، وقدم الحفل الفنان فريد شوقى الأهلاوى. وغنت الفنانة نانسى عجرم للفريقين بتوازن، كما غنى الفنان حماقى للأهلى، والفنان عزيز الشافعى للزمالك.
** تظل أغنية الفنانة صباح: «بين الأهلى والزمالك حيرانه والله» أشهر الأغنيات، فسماعها يعنى أن هناك مباراة قادمة للأهلى والزمالك، مثل الأغنيات التى ارتبطت بقدوم مناسبات فى الأذهان على الرغم من مضى عشرات السنين عليها. والواقع أن قصة أغنية الأهلى والزمالك كما رواها الأستاذ عبد الفتاح الديب فى الأخبار فى مقال له فى 11 مارس عام 2006، كان وراءها الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذى قال: إنه طلب من الشاعر الكبير حسين السيد أغنية تخفف من حدة التعصب بين الناديين، وقام موسيقار الأجيال بتلحينها، وتم تصويرها للتليفزيون عام 1962، وأخرجها المخرج الكبير محمد سالم، وكانت مصر فى تلك الفترة حائرة بين الأهلى والزمالك كما غنت صباح بالفعل وكما قال الأستاذ والشاعر الكبير حسين السيد؟